4 طرائق لإدارة طاقتك بكفاءة في يوم عملك
إذا كنت عدَّاء ماراثون، فستتدرب على مهل وبالتدرج. ستضع أهدافاً لنفسك؛ لكنك تعرف حدود قدراتك ولن تتجاوزها أبداً لتجنب الإصابة أو الإرهاق. أنت تعرف متى تُبطئ وتستريح ومتى تزيد سرعتك بناءً على مستوى طاقتك. ستنتبه إلى الإشارات التي يرسلها لك كل من عقلك وجسدك وروحك. إذا تضاءلت طاقتك، ستعدو على مهل أو تتوقف كلياً، وتأخذ استراحات لتستعيد نشاطك وحيويتك. وكل هذا يعني أنَّك تعرف كيف تدير طاقتك بكفاءة.
الحياة ماراثون، وليست سباقاً قصيراً. لذا عليك تطبيق الإدارة الفعالة للطاقة في كل جانب من جوانب حياتك ولا سيما عملك.
أهمية إدارة الطاقة في العمل والحياة
تُعرَّف الطاقة بأنَّها القوة والحيوية الضروريتان لأداء أي نشاط بدني أو ذهني مستمر. وغالباً ما يندرج العمل ضمن إحدى هاتين الفئتين أو كلتيهما، وذلك حسب طبيعته. ومن هذا المنطلق، فإنَّ الطاقة هي الوقود الذي يمدك بالقوة والحيوية اللازمتين لأداء عملك على أكمل وجه. لذا، لماذا يركز العديد من الأفراد و المنظمات على الوقت وإدارته؟ إذا كنت تلتزم بكل المواعيد النهائية، متجاهلاً احتياجات جسدك وعقلك للراحة والتعافي، فأنت في سباق قصير الأجل.
ماذا لو حوَّلت أنت ومنظمتك التركيز إلى إدارة الطاقة؟ هل يمكنك حينها الالتزام بالمواعيد النهائية نفسها مع الحفاظ على طاقتك وحماستك وروحك المعنوية؟ تشير الأبحاث إلى أنَّ ذلك ممكن بالفعل. فعلى سبيل المثال، ركَّزت إحدى الدراسات على تعزيز مستويات الطاقة لدى المشاركين في أربعة جوانب: العقل والجسد والروح والعواطف. ووجد الباحثون أنَّ 68% من المشاركين قد حسَّنوا علاقاتهم مع العملاء إلى حدٍّ بعيد. كما لاحظ 71% منهم تأثيراً كبيراً في إنتاجيتهم وأدائهم. وتفوق العديد منهم على زملائهم في المبيعات والإيرادات، واستمروا في تحقيق هذا التفوق عاماً كاملاً بعد انتهاء الدراسة.
توصَّلت الدراسة إلى أنَّ الإدارة الفعالة للطاقة تسمح بقدرة أكبر على إنجاز مزيدٍ في وقت أقل وبمستويات مشاركة أعلى واستدامة أكثر على الأمد الطويل. يبدو الأمر أقرب إلى سباق ماراثون منه إلى سباق قصير.
تخيل أنَّ مستويات طاقتك تعمل مثل البطاريات
يشبه جسدك وعقلك وروحك البطاريات. فهي تعمل مدة معينة ثم تحتاج إلى الراحة والتعافي وإعادة الشحن لاستعادة طاقتها الكاملة. بعض المهام تستنزف طاقتك أسرع من غيرها. فالمشاريع التي لا تجد فيها شغفك أو المهام المملة والمتواترة تستنزف طاقتك بسرعة؛ وكذلك المهام التي تحبها، ولكن بدرجة أقل.
هناك أيضاً سلوكيات تستنزف الطاقة، مثل التركيز على الأفكار السلبية، ومقاومة المشاعر الإيجابية، أو السماح لغرورك وكبريائك بالوقوف في طريق إنجازاتك، أو الافتقار إلى ضبط النفس عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على نمط حياة متوازن وصحي.
ضبط النفس هو الحل هنا، فنجاحك لا يعتمد على البدء بعملك أو ماراثون حياتك بقوة وسرعة من البداية، بل على الالتزام بعملك يومياً في كل ساعة، وكل دقيقة. خُذ قسطاً من الراحة إذا انخفضت مستويات طاقتك، واِنتبه إلى الإشارات التي يرسلها جسدك، واِتخذ الإجراءات التي يريدها ويحتاجها عقلك وجسدك وروحك وعواطفك، ثم عُد إلى العمل عندما تستعيد نشاطك وحيويتك.
كيفية إدارة مستويات طاقتك في العمل
اعتماداً على ما تحتاجه، يمكن لبعض التغييرات البسيطة في روتينك اليومي أن تفيدك كثيراً في استعادة نشاطك وحيويتك. كل هذه الأنشطة موجهة لمساعدتك على إدارة طاقتك بكفاءة طوال يومك (سواء في العمل أو في المنزل).
فيما يلي بعض الأفكار التي تساعدك على استعادة نشاطك وحيويتك:
- الحصول على قدر كافٍ من النوم.
- ممارسة الرياضة.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- أخذُ فترات استراحة على مدار اليوم.
- تشغيل الهاتف على الوضع الصامت.
- التركيز على المهمة تلو الأخرى.
- التأمل.
- تدوين اليوميات.
- التنزه في الطبيعة.
- قضاء بعض الوقت مع الأحبة.
- القراءة.
- إعداد قائمة الامتنان.
- ممارسة الأشياء التي تحبها.
- التفاؤل.
- التخلي عن السلبية.
قد تشعر في كثير من الأحيان بأنَّك بحاجة إلى أخذ قسط من الراحة، ولكنَّك تجد نفسك مُنهكاً تحت ضغط المواعيد النهائية، والاجتماعات المُلحّة، والمهام المتعددة. إنَّ العيش تحت ضغط مستمر يضرُّ بك وبالمجتمع من حولك.
يكمن السر في قدرتك على إنجاز كل شيء دون استنزاف طاقتك. يمكنك تحقيق التوازن بين إنجاز مهامك، وأخذ فترات استراحة تسترجع بها نشاطك على مدار اليوم. إذا كنت تسعى لتحقيق نتائج إيجابية، فمن الضروري أن تنتبه إلى احتياجات عقلك وجسدك وعواطفك وروحك، وأن تخصص الوقت الكافي للراحة والاسترخاء.
حاول إضافة بعض الأنشطة البسيطة إلى جدول عملك اليومي، مثل ممارسة التأمل أو الخروج في نزهة أو قراءة كتاب. اِلتزم بهذه الأنشطة، وستلاحظ الفرق في مستويات طاقتك وإنتاجيتك. والآن إليك 4 طرائق لإدارة طاقتك بكفاءة في يوم عملك:
1. تعرَّف إلى نمط عملك
هل أنت من النوع الذي يفضل العمل تحت الضغط في اللحظات الأخيرة، أم أنَّك تنجز مهامك بطريقة أفضل عندما يكون لديك وقت كافٍ للتخطيط والتنفيذ؟ فكَّر في نمط عملك وعلاقته بمستويات طاقتك.
إذا كنت من أصحاب الطاقة العالية، فامنح نفسك فترات استراحة منتظمة؛ لتجنب الاستنزاف والمحافظة على طاقتك. اِحرص على عدم تجاوز حدودك وخَصِّص وقتاً للاسترخاء واستعادة نشاطك وحيويتك.
أما إذا كنت من أصحاب الطاقة المنخفضة، فضَع أهدافاً واقعية لنفسك كل يوم، واِحرص على تحقيقها. حاوِل أن تحقق توازناً بين العمل والراحة، وتجنَّب الضغط الزائد على نفسك.
وإذا كانت مستويات طاقتك متفاوتة على مدار اليوم، فلا بد من أن تعرف متى تكون طاقتك في أوجها ومتى تكون في أدنى مستوياتها. خُذ فترات استراحة عندما تشعر بأنَّ طاقتك منخفضة، ولكن اِستمر في العمل بتركيز عندما تكون طاقتك في أوجها. اِعلم أنَّ إدارة طاقتك بكفاءة تساعدك على تحقيق أقصى استفادة من يومك.
2. تعيين الحد الأدنى والحد الأقصى من مهامك
إذا كنت تميل إلى تحميل نفسك أكثر من طاقتك واستنزاف طاقتك بإفراط يومياً، فمن الضروري أن تتعرف إلى حدودك القصوى، وتضَع حدوداً واضحة لنفسك وتلتزم بها. مثلاً، يمكنك تحديد الهدف التالي: "يجب ألا يزيد عدد اجتماعاتك في أي يوم عن خمسة اجتماعات، مع تخصيص يوم خالٍ من الاجتماعات تماماً في الأسبوع". يساعدك هذا على تجنب الاستنزاف الجسدي والذهني، كما يُسهِم في وضع حدود لك وللآخرين. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يزيد شعورك بالسعادة والتركيز في كل اجتماع.
أو إذا كنت تسعى إلى ممارسة التأمل بانتظام، فيمكنك وضع أهداف واقعية، مثل التأمل مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، مع تحديد مرة واحدة في اليوم كحد أقصى. أو إذا كان لديك مشروع عمل تشعر بالشغف تجاهه، فيمكنك تخصيص يوم واحد على الأقل في الأسبوع للعمل عليه، مع تحديد يومين كحد أقصى. يساعدك وضع أهداف مع قيود زمنية واقعية على تحقيق أهدافك وإدارة طاقتك بكفاءة.
3. أخذ فترات استراحة بناءً على دورات طاقتك الطبيعية
"ساعة القوة" مستمدة من دورات النشاط والخمول. وهي الدورات الطبيعية التي تنتقل بها أجسادنا من حالات الطاقة العالية إلى المنخفضة. تُراوح هذه الدورات من 90 إلى 120 دقيقة، اعتماداً على الشخص.
3.1. ركِّز على فترة طاقتك العالية "ساعة القوة"
ركِّز تماماً على ما تعمل عليه خلال فترة الطاقة العالية. تجنَّب التبديل بين المهام أو تفقُّد هاتفك والبريد الإلكتروني في هذا الوقت. هذا سلوك يستنزف الطاقة، ومن الأفضل تجنبه في أثناء عملك الجاد على مهمة أو حضور اجتماع. ستسعد باكتشاف كمية العمل عالي الجودة الذي يمكنك إنجازه في وقت قصير.
3.2. أخذ قسط من الراحة للتعافي
في نهاية دورة الطاقة، سيخبرك جسدك أنَّ الوقت قد حان للراحة والتعافي. قد تبدأ بالتثاؤب، أو الشعور بالجوع أو العطش، أو صعوبة التركيز، أو الشعور بالتوتر أو الرغبة في الخروج وأخذ استراحة.
يتجاهل معظم الناس هذه الرسالة التي ترسلها لهم أجسادهم أو عقولهم عند إنجاز مهمة ما. لا تفعل ذلك، فهذا ليس إدارة فعالة للطاقة، بل يؤدي إلى الاستنزاف وفقدان الاهتمام، والتعب، والشعور بالضيق، أو إنتاج عمل منخفض الجودة.
بدلاً من ذلك، اِستثمر هذا الوقت فيما يقارب 20 دقيقة بين الإيقاعات الفائقة في ممارسة أي من الأنشطة المذكورة أعلاه. يمكنك الاسترخاء في بضع دقائق فقط، وإعادة شحن طاقتك، والعودة إلى العمل مع نتائج أفضل.
ثم، عندما تكون مستعداً للعودة إلى العمل، تفقَّد بريدك الإلكتروني وأي شيء آخر تحتاجه قبل الانتقال إلى ساعة القوة التالية.
4. الانتباه إلى الإشارات التي يرسلها جسدك
يعرف عقلك وجسدك وروحك ومشاعرك النشاط الذي تحتاج إليه ومتى تحتاج إليه، لذا أصغِ إليهم، وحَاوِل ممارسة التأمل لتفهم الإشارات التي يرسلونها إليك، خاصة إذا كنت قد اِعتدتَّ كبت مشاعرك وتجاهُل هذه الإشارات. كما أنَّ مذكرات الامتنان طريقة رائعة لإضفاء الإيجابية على حياتك، والتخلص من السلبية.
حاول القيام ببعض الأشياء التي تجعلك سعيداً خلال يومك. على سبيل المثال، إذا كان لديك عام واحد فقط للعيش، ماذا تريد أن تفعل بوقتك؟ ما الذي يُلهمك؟ كيف ستعيش كل يوم على أكمل وجه؟ كيف ستدير طاقتك؟ هل ستأخذ فترات استراحة أكثر؟ هل ستمارس رياضة المشي أكثر؟ هل ستقوم بمزيدٍ من العمل الذي يُلهمك، ويشعل إبداعك، ويجعلك أكثر وعياً؟
في الختام
قبل أن تعود إلى عملك اليومي، فكِّر في الطريقة التي تريد أن يتذكرك بها زملاؤك في العمل. هل تريد أن يتذكروك على أنَّك الموظف السلبي والمتعب والمرتبك الذي لا يجد الوقت الكافي لأخذ استراحة غداء أو ممارسة نشاطات الاسترخاء خلال اليوم؟ بالتأكيد لا. على الأرجح، تريد أن يتذكروك على أنَّك الموظف الإيجابي والمتفائل والنشيط الذي ينجز مهامه بكفاءة، ويحافظ على طاقته طوال اليوم.
اِسأل نفسك: ما الذي يمنعك من تحقيق ذلك الآن؟
لقد قطعت شوطاً طويلاً، وهذا أمر رائع لأنَّه يدل على اهتمامك واستعدادك للإصغاء. الخطوة التالية هي التعرف إلى دورات طاقة عقلك وجسدك واحترامها، والاستراحة عند الشعور بانخفاض الطاقة، وفِعلُ كل ما يلزم لاستعادة نشاطك وحيويتك.
Stay Informed with the Latest Developments
