يحافظ النجاح في العمل على إنتاجية المديرين والفِرق، واستثمار الوقت والمال والمواهب بكفاءة، فهو أمر هام لا سيما مع ضرورة التكيف مع أساليب العيش والعمل الجديدة. تؤدي القيادة دوراً هاماً في التشجيع على الإنتاجية وقياسها وتحسينها، ويستطيع القادة تطوير القدرات المهنية من خلال التعرف على مفهوم إدارة الإنتاجية.

نستعرض في هذه المقالة مفهوم إدارة الإنتاجية وأهميتها وكيفية تأثير الإدارة في الإنتاجية.

مفهوم إدارة الإنتاجية

يستخدم الموظفون والفِرق والمنظمات إدارة الإنتاجية لتحسين كفاءتهم وفاعليتهم، وتتضمن عدداً من النشاطات، منها:

• وضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق: يجب أن يعرفوا الهدف الذي يسعون لتحقيقه لتعزيز إنتاجية الموظفين؛ إذ يستطيع المديرون مساعدتهم على ذلك عبر تحديد أهداف وتوقعات واضحة وتقديم التغذية الراجعة باستمرار.
• تحديد معوِّقات الإنتاجية والتخلص منها: يؤدي ضعف التواصل واعتماد عمليات غير فعالة وتقنيات قديمة إلى إعاقة الإنتاجية، ولكن يستطيع المديرون إنشاء سير عمل أكثر سلاسة عبر تحديد هذه المعوقات والتخلص منها.
• توفير الموارد المناسبة: الأدوات والموارد ضرورية لتعزيز إنتاجية الموظفين، ويجب أن تتاح التقنيات المناسبة والتدريب والدعم للموظفين على جميع مستويات الإدارة.
• إنشاء بيئة عمل إيجابية: حين يعمل الموظفون في بيئة إيجابية وداعمة، تزداد إنتاجيتهم، ويستطيع المديرون إنشاء هذه البيئة عبر تعزيز التعاون، والاحتفاء بالنجاحات، وتوفير فرص للنمو والتطوير.

مثال عن إدارة الإنتاجية

لاحظَتْ إحدى المديرات أنَّ أحد أفراد فريقها يواجه صعوبة في الالتزام بالمواعيد النهائية، ولتحديد السبب الجذري للمشكلة، قرَّرت الاجتماع معه، وقد تبيَّن أنَّه يقضي الكثير من الوقت في الأعمال الإدارية.

بسَّطَت المديرة سير عمله عبر تفويض بعض المهام الإدارية لموظفين آخرين، فيتيح ذلك لأفراد الفريق التركيز على مسؤولياتهم الأساسية والإيفاء بالمواعيد النهائية بكفاءة أكبر. إنَّ إدارة الإنتاجية هي عملية مستمرة إذاً، وتختلف آليتها من شركة إلى أخرى، ولكن يعتمد النهج الناجح على الاحتياجات المحدَّدة للفرد أو الفريق أو المنظمة.

أهمية إدارة الإنتاجية

تُعدُّ إدارة الإنتاجية هامة لعدة أسباب:

• تحقِّق المنظمات أهدافها بسرعة وكفاءة أكبر، بالإضافة إلى إنتاج المزيد من السلع والخدمات باستخدام الموارد نفسها. يمكن للمؤسسات إنتاج الكمية نفسها بموارد أقل عبر تحسين الإنتاجية، وبالتالي تزداد أرباحها، وتبقى في مقدمة المنافسة.
• تحسِّن إدارة الإنتاجية جودة العمل، فتقلِّل المنظمات الهدر والعراقِلْ عبر التركيز على الكفاءة والفاعلية، ممَّا يُعزِّز معنويات الموظفين ورضى العملاء.
• تخفِّض إدارة الإنتاجية التكاليف، ولتقليل الوقت والموارد التي تُنفَق  على المهام، تحسِّن المنظمات الكفاءة والفاعلية، ممَّا يحقِّق الربحية ويُخفِض التكاليف.
• تزيد إدارة الإنتاجية رضى الموظفين، فحين يشعر الموظفون أنَّ عملهم يُحدث فرقاً في الشركة وأنَّهم منتجون، يزداد شعورهم بالرضى في العمل.

يمكن التخطيط لتقدُّم الموظفين وتنظيمه وتتبُّعه عبر إدارة الإنتاجية إدارة فعالة، ممَّا يزيد شعورهم بالرضى والإنجاز في العمل.

فوائد الإدارة الفعالة للإنتاجية

تؤدي الإدارة الفعالة للإنتاجية إلى عدد من الفوائد، منها:

• زيادة الإنتاج: تُنتِج المنظمات المزيد من السلع والخدمات باستخدام الموارد نفسها، أو إنتاج الكمية نفسها من السلع والخدمات بموارد أقل.
• تحسين الجودة: يمكن للمنظمات التركيز على الكفاءة والفاعلية لتحديد المعوقات ومواضع الهدر والتخلص منها.
• انخفاض التكاليف: يمكن للمؤسسات تقليل مقدار الوقت والموارد التي تُنفَق على المهام.
• زيادة رضى الموظفين: يشعر الموظفون بالرضى عن وظائفهم إذا شعروا أنَّهم منتجون، وأنَّ عملهم يحدث فرقاً في الشركة.

مساهمة الإدارة في الإنتاجية

وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة "غالوب" (Gallup)، فإنَّ 70% من التباين في اندماج الموظفين سببه الإدارة. ولتحقيق أقصى استفادة من كل فرد من أفراد الفريق، على المديرين تحديد مستويات مهاراتهم ونقاط قوتهم والصعوبات التي يواجهونها، فهم يؤدون دوراً هاماً في زيادة اندماج الموظفين ومستويات الإنتاجية.

يعرف المديرون الناجحون مهارات ونقاط قوة موظفيهم، ويستثمرونها عبر إسناد المهام والمسؤوليات المناسبة إليهم. يؤثر المديرون في الإنتاجية بالطرائق التالية:

• توفير فرص الكوتشينغ والتدريب للموظفين.
• التعرف على مساهمات الموظفين.
• مكافأة الفِرق والأفراد.
• تعزيز مهارات الفريق وأفراده.

إليك فيما يأتي بعض الطرائق التي تحسِّن الإدارة من خلالها الإنتاجية

1. تحديد الأهداف

المقياس التقليدي للأهداف الفعالة هي التأكُّد من أنَّها محدَّدة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق ومناسبة ومؤطَّرة بإطار زمني. من السهل على الموظفين الشعور بالثقة عند العمل تجاه هدف ما وتحقيقه إذا كان يلبِّي تلك المعايير.

2. تفويض المهام

الثقة ضرورية لنجاح الفريق؛ إذ يوفِّر تفويض المهام والمسؤوليات للمديرين مزيداً من الوقت للتركيز على المهام الاستراتيجية، وتمكين موظفيهم، ومنحهم فرص النمو.

3. التواصل الفعال

لتعزيز فاعلية الفِرق، يجب أن تكون مترابطة وقادرة على التعاون معاً؛ إذ يجب أن يبقى أفراد الفريق والمديرون والموظفون على تواصل، لا سيما إذا كان الفريق يعمل عن بُعد.

4. تقديم التغذية الراجعة للموظفين

يمثِّل المديرون قدوة لموظفيهم، ويوجِّهونهم تجاه أهدافهم التالية؛ لذا عليهم تقديم تغذية راجعة محدَّدة وقابلة للتطبيق باستمرار لأفراد الفريق لمواصلة التحسن.

كيفية تحسين الإنتاجية من خلال الإدارة

عندما يتعلق الأمر بإدارة الإنتاجية، لا توجد طريقة واحدة تناسب جميع الشركات؛ بل يعتمد الأمر على احتياجات الموظفين أو الفرق أو المنظمة، وإليك النصائح التالية للحفاظ على الإنتاجية في العمل:

• ضَعْ توقُّعات وأهدافاً واضحة: تأكَّد من أنَّ أفراد الفريق يدركون مسؤولياتهم وأهدافهم، ونتيجة لذلك سيُركِّزون طاقتهم وجهودهم على إنجاز المهام الأكثر أهمية.
• قدِّمْ التغذية الراجعة باستمرار: شارِكْ التغذية الراجعة مع أفراد فريقك، وأخبِرْهم بالجوانب التي يمكنهم تحسينها، ممَّا يُحفِّزهم ويُبقيهم على المسار الصحيح.
• فوِّضْ المهام بفاعلية: لا يجب على المديرين إنجاز كل شيء بأنفسهم؛ بل عليهم تكليف أفراد الفريق بمهام بناءً على خبراتهم ومهاراتهم، ثمَّ التركيز على ما يهمهم أكثر.
• أنشِئْ بيئة عمل إيجابية: احترِمْ وقدِّر أفراد فريقك، وشجِّعْ على العمل الجماعي والتعاون، ووفِّرْ لهم فرصاً للتعلم.

• مكِّنْ الموظفين: اجعل الموظفين مسؤولين عن عملهم، واسمَحْ لهم باتخاذ قراراتهم بأنفسهم، ممَّا يعزِّز اندماج القوى العاملة ويُحفِّزها.
• حدِّدْ اجتماعات منتظمة: يمكن التوفيق بين الأهداف والغايات عبر عقد الاجتماعات شخصياً أو عبر الفيديو أو الهاتف، فمن المفيد أيضاً الاجتماع مع الفريق مسبقاً لمناقشة أية مشكلات أو صعوبات.
• استخدِمْ أدوات وموارد للإنتاجية: يمكن تحسين الإنتاجية باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات والموارد، فمثلاً يتيح استخدام أدوات إدارة المشروعات معرفة أداء الفريق والمواعيد النهائية القادمة.
• كافِئْ وقدِّرْ العمل المميَّز: تأكَّدْ من تقدير ومكافأة أفراد الفريق عندما يحقِّقون أهدافهم، فستزداد حماستهم وإنتاجيتهم بهذه الطريقة.

أسئلة شائعة

1. ما هي إدارة الإنتاجية؟

تساعد إدارة الإنتاجية الأفراد والفرق على تحقيق أهدافهم من خلال استخدام وقتهم ومواردهم مساعدة فعالة، ويُعدُّ تحديد الأهداف وترتيب المهام وفق الأولويات وتجنب عوامل التشتيت وتتبُّع التقدُّم جزءاً من العملية.

2. ما أهمية إدارة الإنتاجية؟

تُعد إدارة الإنتاجية ضرورية للموظفين والمؤسسات، فهي تساعد الأفراد على تحقيق أهدافهم بسرعة وكفاءة أكبر، ممَّا يقلل التوتر، ويحقِّق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، فتزيد المنظمات الإنتاج، وتحسِّن الأرباح، وتعزِّز قدرتها التنافسية.

3. ما هي بعض أدوات وتقنيات إدارة الإنتاجية؟

تتوفر عدد من الأدوات والتقنيات لإدارة الإنتاجية، ومنها:

• تطبيقات قوائم المهام.
• برامج تتبُّع الوقت.
• برامج إدارة المشروعات.
• تقنية بومودورو (Pomodoro Technique).
• مصفوفة أيزنهاور (Eisenhower Matrix).

4. كيف تُقاس الإنتاجية؟

ثمة عدة طرائق مختلفة لقياس الإنتاجية، ومنها:

• حساب الناتج في الساعة.
• عدد المهام المنجَزة.
• دورة الإنتاج.
• معدَّل الأخطاء.
• رضى العملاء.

5. كيف نحافظ على التحفيز والإنتاجية؟

عند العمل على مهمَّة طويلة أو صعبة، يجب الحفاظ على التحفيز والإنتاجية، وإليك النصائح المفيدة التالية:

• خذ فترات راحة: قم بشيء تستمتع به، مثل التجول قليلاً، وستشعر بالنشاط والتركيز عند العودة إلى العمل.
• كافئ نفسك: امنح نفسك مكافأة بسيطة بعد إنجاز المهام، فسيحقِّق لك الحفاظ على التحفيز والبقاء على المسار الصحيح أهدافك.
• حدِّدْ أهدافاً واقعية: لا تُربك نفسك، وقسِّمْ المهام الكبيرة واجعلها قابلة للإدارة.
• ابحَثْ عن شريك مساءلة: يفيد امتلاك نظام دعم أيضاً حين يكون لديك شخص تثق به وتتحدث معه عن مسؤولياتك.

في الختام

تستفيد المؤسسات من إدارة الإنتاجية في تحقيق أهدافها، وتحسين جودة العمل، وخفض التكاليف، وزيادة رضى الموظفين، وتستطيع أيضاً وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس لتحسين إدارة الإنتاجية، وتخطيط العمل وتنظيمه بفاعلية، وتتبُّع التقدُّم وتعديل اللازم وفق الضرورة، وتزويد الموظفين بالموارد والدعم المطلوب، وإنشاء بيئة عمل إيجابية.