blog-details

ما هو العمل العميق؟ 7 طرق للاستفادة منه في زيادة الإنتاجية -الجزء الثاني

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عن تعريف العمل العميق وفوائده وأهميته، وتكلَّمنا عن طريقة واحدة من الطرائق السبع المتبعة للاستفادة من العمل العميق في زيادة الإنتاجية، وسنتابع الحديث في هذا الجزء الثاني والأخير عن باقي الطرائق.

7 طرائق للاستفادة من العمل العميق

2. إنشاء طقوس لزيادة التركيز

تشير الأبحاث إلى أنَّ أدمغتنا تتذكر الارتباطات المحددة، فعندما تربط بين شيئين، مثل المكتب النظيف والتركيز، يتعلم عقلك ويتوقع نفس الارتباط في المستقبل، وهذا يعني أنَّك تستطيع إنشاء طقوس لتنشيط التركيز وإخبار عقلك بأنَّ الوقت قد حان للتركيز، على سبيل المثال، عندما تنظف مكتبك قبل الكتابة دائماً، يسهِّل عليك مكان العمل النظيف التركيز على الكتابة في المستقبل.

عند إنشاء طقوس العمل العميق، اسأل نفسك الأسئلة الآتية:

  • أين ستعمل؟ فكر في البيئة التي ستنشئها، على سبيل المثال، قد ترغب في العمل في مكتبك عندما يكون الباب مغلقاً والمكتب نظيفاً.
  • متى ستعمل وما هي مدة العمل؟ على سبيل المثال، يمكنك اختيار العمل في الصباح مدة 90 دقيقة قبل أخذ استراحة لاحتساء القهوة.
  • كيف ستعمل؟ حدد القواعد التي توجِّه تركيزك، مثل ما إذا كنت ستستخدم الإنترنت، أو عدد الكلمات التي ستكتبها كل 20 دقيقة، أو أين ستضع هاتفك.
  • كيف ستدعم عملك؟ تأكد من أنَّ لديك المواد التي تحتاج إليها منظمة مقدماً، مثل أوراق المراجع والقهوة أو الطعام.

يمكنك أيضاً إنشاء محفزات إضافية في روتينك لتحفيز تركيزك، مثل إضاءة شمعة، أو الاستماع إلى نوع معين من الموسيقى، أو ارتداء ملابس معينة.

3. إعطاء الأولوية لعملك ذي التأثير الأكبر

مع التركيز، تحديد الأولويات هو المفتاح، ففي كثير من الأحيان، كلما حاولت أن تفعل أكثر، قلَّ ما تنجزه فعلياً، لذا، من أجل العمل بعمق، تحتاج إلى التركيز على المهمة الأكثر أهمية وتجاهل كل شيء آخر.

إليك كيفية القيام بذلك:

  • تحديد المهام التي ستنجزها خلال كل جلسة عمل عميق مقدماً، وللعمل بعمق، عليك التركيز على مهمة واحدة وتجاهُل كل شيء آخر، فعندما تقرر مقدماً ما الذي ستركز عليه، يمكنك تجنب تعدد المهام، وإذا تلقيت طلبات جديدة خلال وقت تركيزك، فلن يكون لديك ضغط للتبديل إلى مهام أخرى على الفور.

جرِّب استخدام استراتيجية تحديد الأولويات لتحديد أهم مهامك والتعامل معها، مثل مصفوفة أيزنهاور، أو مبدأ باريتو، أو استراتيجية تناول الضفدع.

  • تحديد الهدف بوضوح، فتشبه الأهداف الواضحة البوصلة، لأنَّها توجه قراراتك وتخبرك بالمهام الأكثر أهمية، على سبيل المثال، إذا كان الهدف ربع السنوي لفريقك يتمحور حول إعادة تصميم موقع شركتك على الويب، فيمكنك بسهولة إعطاء أولوية أقل لطلبات تحسين تطبيقك، وتأكد من استخدام إطار تحديد الأهداف لجعل أهدافك قابلة للقياس ومحددة، مثل منهجية الأهداف الذكية.

4. تتبُّع المكان الذي تقضي فيه وقتك

أنت بحاجة إلى استثمار الوقت لإنجاز المهام، والعمل العميق ليس استثناء، ولهذا السبب فإنَّ إدارة جدولك الزمني والتحكم في وقتك أمر هام جداً، وذلك لأنَّه لكي تضيف مزيداً من العمل العميق إلى روتينك، عليك إفساح المجال له.

استثمار الوقت لإنجاز المهام

فيما يأتي بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على فهم وإدارة وقتك:

  • مراجعة كيفية قضاء وقت عملك، فقبل أن تتمكن من تقليص العمل السطحي لإفساح المجال أمام نشاطات أعمق، عليك أن تفهم نوع العمل الذي تقوم به على أساس يومي، وللقيام بذلك، عليك إدراج كل نشاط أو مهمة تشارك فيها، ثم حساب مدة كل نشاط حتى تعرف مقدار الوقت الذي تقضيه في العمل العميق مقارنة بالعمل السطحي.
  • تدقيق اجتماعاتك، اكتب قائمة بكل اجتماع عمل تحضره، وحدد مدى قيمته الفعلية على مقياس من 1 إلى 5، ويمكنك أيضاً ملاحظة مدى انتباهك بالاجتماع، وما إذا كانت هناك عناصر عمل عادةً، وما إذا كان هناك جدول أعمال محدد مقدماً، وبهذه الطريقة، يمكنك تحديد الاجتماعات المثمرة، والاجتماعات التي يمكن الاستعاضة عنها برسالة بريد إلكتروني.
  • جدولة يومك، تولَّ مسؤولية جدولك اليومي من خلال تخصيص كتل زمنية لكل مهمة تريد إنجازها، فتوجد طريقتان شائعتان للقيام بذلك: "تخصيص الوقت" (Timeboxing) و"تقسيم الوقت" (Time blocking)؛ "تخصيص الوقت" هي استراتيجية إدارة وقت تقدِّر فيها الوقت اللازم لإنجاز مهمة ما وتحدِّد فترة زمنية مخصصة لإكمالها، أما "تقسيم الوقت" فهو مفهوم مشابه، ولكن بدلاً من تخصيص وقت لمهمة واحدة، تُجمِّع مهاماً مشابهة وتنجزها جميعها ضمن كتلة زمنية واحدة.

"تخصيص الوقت" خيار جيد لجدولة العمل العميق، بينما يمكن أن تساعدك استراتيجية "تقسيم الوقت" على التعامل مع العديد من المهام السطحية دفعة واحدة، مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني.

5. تقليل المشتتات الرقمية

المشتتات هي العدو اللدود للعمل العميق، ولكنَّ المشتتات، خاصة الرقمية منها، شائعة أكثر من أي وقت مضى في بيئة العمل السريعة اليوم، ففي وقت أفاد فيه 80% من العاملين في مجال المعرفة أنَّهم يعملون وصندوق الوارد الخاص بهم مفتوح، ويشعر ما يقرب من ثلاثة أرباع الموظفين بضغط بسبب تعدد المهام كل يوم، قد يبدو تجنب المشتتات الرقمية شبه مستحيل.

لكن يمكن تقليل المشتتات باستخدام بعض الاستراتيجيات البسيطة:

  • إيقاف الإشعارات، الأصوات واللافتات والإشعارات التي تومض عبر شاشتك لها تأثير سلبي في التركيز، ويمكن أن تُخرجك بسرعة من العمل العميق، فعندما تحاول التركيز، استخدم وضع "عدم الإزعاج" أو تأجيل الإشعارات لهاتفك ولأي تطبيقات تواصل تستخدمها، أو إذا كنت تريد قطع الاتصال، فأغلق تطبيقات البريد الإلكتروني والرسائل تماماً، وتذكر أنَّك تستطيع دائماً التحقق من الإشعارات خلال استراحة التركيز التالية.
  • جعل العمل العميق هو الوضع الافتراضي لديك، وهذا يعني أنَّه بدلاً من العيش في حالة مشتتة وإجبار عقلك على الدخول في وضع التركيز لإنجاز المهام، عليك بجدولة استراحات التركيز، أي الأوقات التي تسمح فيها لنفسك بأخذ استراحة والاستسلام تماماً للمشتتات.

يمكنك استخدام هذه الاستراتيجية في يوم عملك أو في حياتك الشخصية، على سبيل المثال، يمكنك جدولة استراحة التركيز بعد العمل لتصفح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ثم توجيه انتباهك الكامل إلى طهي العشاء أو مشاهدة فيلم أو التحدث مع أحبائك.

  • اختيار أدواتك بحكمة، وفق الدراسات، يُبدِّل العامل في مجال المعرفة بين 10 تطبيقات وسطياً 25 مرة في اليوم لإنجاز عمله، ومن المرجح أيضاً أن يواجه الموظفون الذين يتنقلون بين التطبيقات صعوبة في تحديد أولويات عملهم بشكل فعال.

لكن مجرد وجود أداة لا يعني أنَّه يتعين عليك استخدامها، فبدلاً من توزيع العمل عبر العديد من التطبيقات المختلفة، اختر بعناية أداة إدارة مشاريع تتكامل مع جميع أدوات عملك، بحيث يكون لديك مصدر مركزي للمعلومات، وبهذه الطريقة، بدلاً من العمل عبر تطبيقات متعددة، يمكنك تتبع المعلومات الهامة في مكان واحد.

6. جدولة وقت للراحة

الراحة هامة مثل العمل، فقد يساعد تخصيص وقت للراحة كل يوم على تفادي الإرهاق وجعل عادة العمل العميق مستدامة، ويقترح نيوبورت أن تبتعد تماماً عن العمل للاستفادة القصوى من وقت فراغك، لذا فإنَّ وضع حدود واضحة أمر أساسي، ويوصي بتحديد وقت نهائي للعمل كل يوم (بالنسبة إليه، فهو 5:30 مساءً)، وتجنُّب العمل في عطلات نهاية الأسبوع.

هذا يعني أنَّه بمجرد الانتهاء من العمل، يجب ألا تفكر في بريدك الإلكتروني ولا في الاجتماعات القادمة ولا في أي شيء يخص العمل، فإذا كان هذا صعباً عليك، فحاول تخصيص 10-20 دقيقة في نهاية كل يوم عمل تُلقي فيها نظرة أخيرة على صندوق البريد الوارد للتأكد من أنَّك لم تفوت الإشعارات الهامة، والتخطيط لكيفية إنجاز أي مهام غير مكتملة، ومراجعة جدولك لليوم التالي، فتوفر هذه الممارسة راحة البال عند التوقف عن العمل في نهاية اليوم لأنَّها تجنِّبك المخاوف المزعجة بشأن العمل غير المكتمل.

7. تتبُّع التقدم نحو أهدافك

تحديد أهداف واضحة هو أحد أفضل الطرائق للبقاء متحمساً والحفاظ على عادة العمل العميق مع مرور الوقت، فعندما اختبر علماء النفس تأثير تقنيات التحفيز المختلفة في أداء المجموعة، وجدوا أنَّ تحديد الأهداف كان من أكثرها فاعلية، وذلك لأنَّ الأهداف تعزز الدافع الداخلي: الرغبة في النجاح التي تنبع من داخلك، بدلاً من العوامل الخارجية مثل المديح أو التعويض.

لاكتساب عادة العمل العميق، عليك تحديد أهداف قصيرة الأمد لتتبع المقاييس مثل عدد الساعات التي تريد التركيز فيها كل يوم، ويقترح نيوبورت إنشاء لوحة نتائج يمكنك تسجيل ساعاتك اليومية ووضع علامة بجانب كل هدف تحققه عليها.

يمكنك أيضاً إنشاء أهداف أعلى مستوى طويلة الأمد لمساعدتك على العمل حتى عدد معين من الساعات مع مرور الوقت، على سبيل المثال، قد تبدأ بساعة واحدة في اليوم، ثم تزيدها حتى أربع ساعات خلال فترة ثلاثة أشهر، وتذكر فقط أن تجعل أهدافك قابلة للقياس ومحددة مثل الأهداف الذكية.

في الختام

يعدُّ العمل العميق من أفضل الطرائق لزيادة إمكاناتك الإبداعية، ولكنَّه لا يقتصر على زيادة الإنتاجية فحسب، بل يمنحك إحساساً بالرضى ويزيدك نشاطاً وحيوية لإنجاز المهام الصعبة كل يوم، أو على حد تعبير كال نيوبورت: "الحياة العميقة هي حياة جيدة".

Stay Informed with the Latest Developments

Subscribe and gain access to the latest articles, research, and products that make you stronger than ever before.
to-top
footer1

is

illaf-train

Business.©2025