5 نصائح للاعتياد على النوم المبكر
يواجه بعض الأفراد صعوبة في الاستيقاظ والاستعداد للذهاب إلى العمل صباحاً لأنهم يسهرون حتى وقت متأخرليلاً، في حين يفضل أفراد آخرون الاستيقاظ الباكر، ويُظهِرون مستويات عالية من النشاط، والحماس، والإنجاز خلال الفترة الصباحية.
إذا كنت من محبي السهر لوقت متأخر وتعاني من صعوبة بدء يومك بنشاط ووضوح، يقدم لك هذا المقال خطوات عملية تساعدك في تبني هذا الأسلوب وتحويل الفترات الصباحية إلى أوقات مليئة بالطاقة والإنتاجية.
مشكلة السهر لوقت متأخر
تصل إلى المنزل أخيراً بعد يوم شاق ومرهق، لتستقر أمام شاشة التلفاز غارقاً في متابعة مسلسلك المفضل. يبدو الأمر وكأنَّه ملاذ من التعب، لكن عندما يحين موعد النوم، تجد نفسك عاجزاً عن التوقف، بحجة ضغوطات العمل وحقك المشروع في مشاهدة "حلقة إضافية فقط"، بدل أن تستثمر هذا الوقت في النوم والراحة، وتبقى على هذا المنوال ليلة تلو أخرى، وهذا هو سبب تعبك المزمن طوال الوقت.
يشرح الدكتور "أليكس ديميتريو" (Alex Dimitriu)، وهو مؤسس "عيادة مينلو بارك للطب النفسي وطب النوم" (Menlo Park Psychiatry and Sleep Medicine)، الأمر ببساطة: "ترهقنا الأيام الطويلة، لكنَّ المفارقة تكمن في أنَّ أيامنا ستكون أقل إرهاقاً لو لم نكن متعبين منذ البداية.
تكمن المشكلة الكبرى بالنسبة لـ محبي السهر في أنَّهم يقطعون نومهم في ساعات الصباح المبكرة، حيث يحدث نوم حركة العين السريعة (REM) أو ما يُعرف بـ "النوم الحالم"، وهو من أثمن مراحل النوم، وبالنتيجة يتسنى لهم النوم لمدة 5-6 ساعات فقط بدل الحصول على كفايتهم من النوم وهي تُقدَّر وسطياً 7-8 ساعات، ويواجهون مشقة بالغة خلال الفترة الصباحية؛ لأنّهم مُجبَرون على الاستيقاظ في وقت محدد حتى لو لم يأخذوا كفايتهم من النوم".
ويؤكد الدكتور "ديميتريو" أنَّ نوم حركة العين السريعة هو أساس طاقتنا العاطفية والإبداعية، ويصفه بأنَّه "علاج ذاتي" يعيد توازننا النفسي والعقلي بطرائق تتجاوز الوصف. في غيابه، تتأثر الذاكرة، وتتوتر الحالة المزاجية، مما يبرز أهمية الاهتمام بجودة نومنا لتحقيق التوازن والانتعاش.
تكون الأمور أفضل بالطبع إذا كنت تستيقظ في الوقت الذي يناسبك، ولكن عليك التفكير جدياً بتغيير نمط نومك عندما تصل إلى مرحلة تضحي فيها بوقت نومك لمشاهدة مزيد من التلفاز.
ما هي أهم النصائح للتعود على النوم المبكر؟
في ما يلي، 5 نصائح للاعتياد على النوم المبكر:
1. هيِّئ نفسك للنوم المبكر
يشير الدكتور "ديميتريو" إلى أنَّ تغيير عادات النوم ليس بالمَهمّة السهلة، إذ يتطلب الأمر الصبر والاستمرارية. لن تكفي ليلة واحدة من النوم المبكر لتحقق فرقاً ملموساً، وهذا ما يجعل كثيراً من الأفراد يتخلّون عن محاولاتهم قبل أن يروا التحسن. الصبر هو المفتاح، كما يقول الدكتور: "التزم بروتين النوم المبكر لمدة أسبوع، وستبدأ بملاحظة كيف تصبح أيامك أسهل". مع هذا التغيير التدريجي، ستعيد اكتشاف حبك للنوم.
يجب أن تبتعد عن الأنشطة المجهدة في المساء لتهيئة نفسك للنوم المبكر، إذ تصعّب الإثارة المفرطة الاسترخاء. يشير الدكتور "ديميتريو" إلى أنَّ الأجهزة الذكية والحواسب المحمولة تُبقي العقل في حالة نشاط دائم، مما يصعّب النوم. لذا جرّب بدلاً من ذلك الأنشطة الهادئة مثل قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الكتب الصوتية، أو التأمل، أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة. هذه العادات ليست فقط مريحة، بل تحضر جسدك وعقلك للنوم، لكن تأكد من أنك لا تلهو بهاتفك كثيراً.
كما يجب تقليل الممارسات التي تؤثر على جودة النوم، مثل ممارسة الرياضة المجهِدة، أو تناول الوجبات الدسمة، أو التعرض للأضواء الساطعة، خاصة الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الإلكترونية. يثبط هذا الضوء إفراز الميلاتونين، وهو الهرمون الأساسي لتحفيز النوم، مما يقلل أيضاً من جودة نومك.
يصبح النوم المبكر أكثر سهولة عند تخصيص المساء لأنشطة هادئة أو حتى قليل من الشعور بالملل. يكون النوم – في كثير من الأحيان – خياراً أفضل من الانشغال بالقراءة أو الأنشطة الأخرى، خصوصاً بعد الساعة العاشرة مساءً.
2. ضع هدف يحفزك على الاستيقاظ كل صباح
يتحدث الدكتور "ديميتريو" عن المنتور الخاص به الدكتور "رافائيل بيلايو" (Rafael Pelayo)، والذي اعتاد أن يسأل مرضاه: "ما الذي يدفعك للنهوض من السرير؟". تبدو أيام العمل طويلة ومرهقة بالنسبة لمعظم الناس، ويصبح المساء هو الملاذ الوحيد الذي لا يرغبون في اختصاره والعودة إلى يوم عمل آخر مرة أخرى.
يشير الدكتور "ديميتريو" إلى أهمية وجود نشاط ممتع أو محفّز في الصباح، يمكن أن يكون السبب في استيقاظك بكل حماسة. سواء كان ذلك كوباً دافئاً من القهوة، أو تصفح الأخبار، أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى بعض الألعاب الإلكترونية، فإنَّ تخصيص هذا الوقت لنفسك والالتزام به كـ روتين صباحي يعزز من شغفك بالصباح.
كما أنَّ للخروج في ضوء الصباح تأثيراً سحرياً، إذ يعمل الضوء الطبيعي كمؤشر زمني (zeitgeber)، وهو إشارة طبيعية تُنظم إيقاع الساعة البيولوجية للجسم. كلما تعرضت لشعاع الشمس لفترات أطول في الصباح، أصبح النوم في الليلة التالية أسهل. لذا، لا تستخدم النظارات الشمسية في الدقائق الأولى من يومك.
يمكن أن يُحدث وجود خطة واضحة وممتعة لبدء يومك فرقاً هاماً. تصبح لحظة الاستيقاظ تجربة تستحق الانتظار عندما يكون لديك حتى بعض الأنشطة البسيطة مثل ركوب الأمواج عند شروق الشمس، أو اللقاء مع الأصدقاء لممارسة هوايات محببة.
أما الجانب الأبرز للاستيقاظ المبكر فهو الاستمتاع بوقت الفراغ قبل بداية يوم العمل. ستشعر بالإنجاز عند استغلال هذا الوقت للقيام بأنشطة مثل التمارين الرياضية أو المشي في الهواء الطلق. كما أنَّ التعامل مع المهام اليومية في الصباح الباكر يحررك من أعبائها في المساء، مما يمنحك فرصة أكبر للاسترخاء والاستمتاع بوقتك لاحقاً.
3. عدِّل نمط نومك تدريجياً
لتحقيق تغييرات ناجحة في جدول نومك، عليك القيام بذلك تدريجياً. يشير الدكتور "ديميتريو إلى أنَّ التحكم في وقت الاستيقاظ أسهل من التحكم في موعد النوم، وينصح بالاستيقاظ قبل "30 دقيقة من الموعد المعتاد كل أسبوع"، وممارسة أنشطة هادئة ومساعِدة على النوم في المساء. يمكن الاستيقاظ في وقت أبكر بمقدار 30 دقيقة كل أسبوع، أو وفقاً لجدولك ومستوى التعب لديك. دع جسمك يأخذ زمام المبادرة واذهب إلى السرير دون مقاومة ما إن تشعر بالتعب.
4. ارصد تحسُّن حالتك المزاجية
لا يلاحظ الناس عموماً التغيرات الإيجابية على الأمد الطويل، ويقترح الدكتور "ديميتريو" تخصيص أسبوعين لتتبع مزاجك، ومستويات الطاقة، وعادات نومك، خاصة عندما تبدأ بالنوم مبكراً. يؤكد الدكتور على ضرورة إدراك "أنّض هناك فرق كبير بين شعورك في الصباح وحالتك المزاجية طوال اليوم".
لن يرتاح محبو السهر لفكرة الاستيقاظ مبكراً مطلقاً، ولكنهم سيدركون فوائده خلال فترة بعد الظهر، إذ يؤدي النوم الكافي إلى تحسين الذاكرة، واستقرار المزاج، والإبداع، والتحكم في الدوافع والعادات الغذائية. لذا منح نفسك وقتاً كافياً لمراقبة هذه الجوانب قبل أن تحكم على نمط نومك الجديد.
5. حدِّد نمطك الزمني (Chronotype)
قد تكون ميولك للسهر ناتجة عن نمطك البيولوجي (الكرونوتيب)، وهو ميول بيولوجية تؤثر على أوقات النشاط والطاقة والإنتاجية. يوضح الدكتور "ديميتريو": "برمجت التطورات البشرية بعض الناس على النوم مبكراً وآخرين على السهر لحفظ الأمن في المجتمعات ليلاً"، ومع ذلك، يزيد العالم الرقمي اليوم من تحديات النوم الصحي.
في حال كنت تميل للسهر بسبب عادات غير صحية كالإفراط في استخدام الأجهزة الالكترونية، يمكن للتغييرات الصغيرة أن تحدث فرقاً. استبدال مشاهدة الشاشات في الليل بأنشطة هادئة مثل القراءة أو التأمل يساعدك في إيجاد توازن طبيعي. إضافة الانضباط والالتزام بروتين نوم صحي، قد يجعلك تكتشف حب النوم مجدداً.
في الختام
لا يمكن إنكار أنَّ تغيير نمط النوم يُعد تحدياً صعباً، ولكنَّه خطوة أساسية لزيادة النشاط والإنتاجية. من خلال تطبيق المبادئ التدريجية ومراقبة تأثيرها على صحتك ومزاجك، يمكنك اكتشاف التوازن الذي يلبي احتياجاتك البيولوجية ويحقق أهدافك اليومية. استمتع بالصباح واستثمره في عيش لحظات جميلة وتجارب جديدة تدفعك للاستيقاظ بحماسة كل يوم.
کن على إطلاع بأحدث المتسجدات
