لماذا تفشل إدارة الوقت؟ وكيف تساعدك إدارة الطاقة على تحقيق النجاح - الجزء الأول
تُعد إدارة الوقت من أهم عوامل تحقيق النجاح في العصر الحديث الذي يسير بسرعة كبيرة، ولكن تدحض العديد من التجارب والدراسات الحالية هذا الاعتقاد الشائع وتؤكد أنَّ فعالية إستراتيجية إدارة الوقت محدودة وغير كافية لتحقيق النجاح المطلوب.
يمكن تحسين الإنتاجية وتحقيق النجاح الشخصي المطلوب عبر التركيز على إدارة الطاقة العقلية والجسدية، وهذا يقتضي تحليل مستوى النشاط على مدار اليوم وتحديد أوقات ذروته وترتيب المهام بناءً على هذه النتائج. تضمن هذه الطريقة تحسين الإنتاجية وتحقيق الأهداف بفعالية أكبر من إستراتيجية إدارة الوقت.
فيما يلي مجموعة من المحاور الرئيسية المتعلقة بموضوع إدارة الطاقة:
- إدارة الطاقة أكثر فعالية من إدارة الوقت في تحسين الإنتاجية وتحقيق النجاح الشخصي.
- تعتمد هذه الطريقة على تحسين كفاءة استخدام الطاقة المتاحة وتوزيعها على المهام، والتركيز على العمل عندما يكون الفرد في أوج نشاطه وقوته بهدف زيادة الإنتاجية.
- تساعد طريقة إدارة الطاقة في تقليل التوتر النفسي وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.
يتألف المقال من جزأين وهو يبحث في فوائد طريقة إدارة الطاقة ويقدم نصائح عملية وإستراتيجيات تساعد في إعداد خطة فعالة لإدارة الطاقة.
إدارة الطاقة أفضل من إدارة الوقت
يعتمد الناس منذ وقت طويل على طريقة إدارة الوقت ظناً منهم أنها الحل الأمثل لتحسين الإنتاجية وتحقيق النجاح الشخصي، ولكن تدحض الدراسات الحديثة صحة هذه الافتراضات انطلاقاً من حقيقة أنَّ الوقت محدود ولا يمكن تعويضه مهما كان الفرد حذر وبارع في إدارته.
تُعد طريقة إدارة الطاقة أكثر فعالية لأنَّ طاقة الإنسان قابلة للتعويض والتجديد عبر الالتزام بممارسات الرعاية الذاتية وحسن إدارة النشاط والحيوية. ينجح الفرد في تحسين إنتاجيته وتحقيق أهدافه الشخصية عندما يعطي الأولوية لطريقة إدارة الطاقة.
يؤدي التركيز على إدارة الوقت إلى تخفيض الإنتاجية والتعرض للاحتراق الوظيفي لأنَّ هذه الطريقة تشجع على قضاء أطول فترة ممكنة على المهمة بصرف النظر عن مستوى نشاط الفرد وفعالية العمل. يعتمد تحقيق النجاح في الواقع على إدارة مستويات الطاقة بحيث يتسنى للفرد أن يعمل بفعالية وكفاءة عند اللزوم.
بينت الأبحاث العلمية أنَّ طريقة إدارة الطاقة أكثر فعالية من إدارة الوقت في تعزيز الإنتاجية، فضلاً عن دورها في زيادة فعالية العمل، وتحسين جودته، وتخفيض مستويات التوتر النفسي، كما أثبتت الدراسات أنَّ إعطاء الأولوية لطريقة إدارة الطاقة يسهم في رفع مستويات الرضا الوظيفي والعافية.
تحافظ طريقة إدارة الطاقة على ديمومة الإنتاجية، وهي تركز على العمل بذكاء أكبر ومجهود أقل على عكس إدارة الوقت التي تعتمد على قضاء المزيد من الوقت في العمل. ينجح الفرد في إنجاز المزيد من العمل ويقي نفسه من التعرض للتوتر والاحتراق الوظيفي عندما يستريح، ويطبق ممارسات الرعاية الذاتية، ويواظب على إدارة مستويات الطاقة خلال اليوم.
بالتالي، يجب أن تكون إدارة الطاقة أولوية أساسية لكل شخص يسعى لتحسين إنتاجيته وتحقيق النجاح الشخصي لأنها تساعد في زيادة فعالية العمل، وتحسين جودته، والحفاظ على التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية.
فوائد طريقة إدارة الطاقة
يمكن أن يؤدي التركيز على عامل الوقت إلى زيادة مستوى التوتر النفسي والقلق بسبب سعي الفرد إلى إنجاز أكبر عدد ممكن من المهام في فترة زمنية محدودة. طريقة إدارة الطاقة أكثر فعالية في تعزيز الإنتاجية وتحقيق النجاح الشخصي لأنها تتيح للفرد إمكانية تحسين أدائه، والتركيز على المهام ذات الأولوية العالية بدل السعي لإنجاز أكبر قدر ممكن من العمل.
تساعد هذه الطريقة من ناحية أخرى في تخفيض مستوى التوتر النفسي والقلق لأنها تزيد من قدرة الفرد على ترتيب المهام بحسب الأولوية وإدارة ضغوطات العمل بطريقة مستقرة تستمر على الأمد الطويل. يسهم التركيز على إدارة الطاقة في تحسين العافية وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.
وأخيراً، تُعد طريقة إدارة الطاقة منهجية عمل متكاملة تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الجسدية والعقلية والعاطفية للقيام بمهمة معيَّنة. تساعد إدارة مستويات الطاقة في تحسين الإنتاجية، وتقليل التوتر والقلق، وتحقيق النجاح الشخصي والمهني.
الانتقال من إدارة الوقت إلى إدارة الطاقة
فيما يلي 5 خطوات عملية للانتقال إلى إستراتيجية إدارة الطاقة:
1. تغيير مجال التركيز
تقتضي الخطوة الأولى البدء بتركيز الانتباه على الحالة الشعورية بدل رصد الوقت، أي عليك أن تسجل الأوقات التي تكون فيها طاقتك في ذروتها، وعندما تنخفض إلى أدنى مستوياتها، وتعتمد على هذه البيانات في ترتيب المهام ضمن جدول أعمالك.
2. وضع الأهداف بناءً على مستويات الطاقة
يجب أن تأخذ عامل تغيُّر مستوى الطاقة عند إعداد خطط العمل اليومية والأسبوعية، وهذا يتطلب منك إعطاء الأولوية للمهام التي تتطلب مستويات عالية من الطاقة عندما تكون في أوج نشاطك وتركيزك وإنتاجيتك.
3. تغيير طريقة التفكير
عليك أن تغير رأيك بموضوع الاستراحة والعطل وتعدها فرصة لتجديد نشاطك وطاقتك. لا تُعد الاستراحة مضيعة للوقت بل إنها تسهم في تحسين مستوى الإنتاجية والطاقة على مدار اليوم.
4. ممارسة الوعي الذاتي
يجب أن تتعود على ملاحظة أعراض الإرهاق الجسدي والنفسي، وتفعل ما يلزم للوقاية منها، وذلك عبر المواظبة على الاستراحات المنتظمة، وتطبيق تقنيات الاسترخاء، وتخصيص بعض الوقت لممارسة تمارين التنفس العميق واستعادة القدرة على التركيز.
5. متابعة التقدم المُحرَز
يمكنك أن تستخدم مفكِّرة ورقية أو أحد تطبيقات الهاتف المحمول لتسجيل مستوى نشاطك خلال اليوم. تساعد هذه الطريقة في تحديد نمط تغيُّر الطاقة على مدار اليوم ووضع خطة عمل مدروسة لتوزيعها واستثمارها واستعادتها.
يتطلب الانتقال من إستراتيجية إدارة الوقت إلى إدارة الطاقة بعض الوقت أي ينبغي أن تصبر على نفسك وأنت تتعلم كيف توزع طاقتك. يُنصَح من ناحية أخرى بتجريب الإستراتيجيات والتقنيات المتوفرة لكي تعثر على طريقة تناسبك.
إعداد خطة إدارة الطاقة
فيما يلي 5 خطوات لإعداد خطة إدارة الطاقة:
1. تحديد الأهداف
تقتضي الخطوة الأولى تحديد الأهداف على الأمد الطويل والقصير وترتيبها بناءً على عاملَي الأهمية والصلة.
2. تقييم مستويات الطاقة
تسجيل الأوقات التي يكون فيها نشاطك في أوجه وعندما ينخفض إلى أدنى مستوياته. يمكنك أن تستخدم مفكِّرة أو تطبيق على الهاتف المحمول لتدوين مستويات طاقتك على مدار اليوم.
3. توزيع الطاقة
توزيع مستويات الطاقة على المهام بناءً على عاملَي الأهمية والصلة بالأهداف الموضوعة. يجب أن تخصص فترات النشاط العالي للمهام التي تحظى بالأولوية.
4. وضع خطة عمل يومية
إعداد جدول عمل يومي يأخذ بعين الاعتبار مستويات الطاقة وترتيب المهام بحسب الأولوية. يجب أن تحدد المهام المطلوبة وتخصص لكل واحدة منها ما يكفي من الوقت والطاقة.
5. أخذ استراحات منتظمة
الاستراحات المنتظمة ضرورية لاستعادة الطاقة والنشاط. بالتالي، يجب عليك أن تضيف لجدول العمل اليومي استراحات قصيرة منتظمة، وتخصص بعض الوقت للاستراحات الطويلة عند الحاجة.
رصد وإدارة مستويات الطاقة
يجب إجراء متابعات وتقييمات منتظمة لمستويات النشاط بغية تحديد أنماط تغيُّر الطاقة واتخاذ قرارات مدروسة لتوزيعها على المهام. فيما يلي 5 خطوات لرصد وإدارة مستويات الطاقة:
1. استخدام مفكِّرة ورقية
تُستخدَم المفكِّرة لتوثيق مستويات الطاقة على مدار اليوم، مع الحرص على تدوين كافة الأنشطة والأحداث التي يمكن أن تؤثر على مستوى نشاطك.
2. استخدام تطبيقات الهاتف المحمول
ثمة عدد كبير من التطبيقات التي تساعد في رصد مستويات الطاقة مثل "إنيرجي تراكر" (Energy Tracker) أو "ماي فيتنس بال" (MyFitnessPal).
3. الانتباه للحالة المزاجية
تعطي الحالة المزاجية فكرة عن مستوى طاقة الإنسان حيث يدل شعور التعب وتعكر المزاج على حاجتك لأخذ استراحة من العمل أو تعديل خطة إدارة الطاقة.
4. تحديد مستويات الطاقة العليا والدنيا
يساعد رصد مستويات الطاقة في تحديد أوقات الإنتاجية العليا والدنيا والمواعيد المناسبة للاستراحات.
5. إجراء التعديلات اللازمة
استخدام البيانات الناتجة في إجراء التعديلات اللازمة على خطة إدارة الطاقة ولتكن إنجاز المهام التي تحتاج لطاقة عالية في أوقات ذروة النشاط وتأدية الأعمال السهلة عندما تكون إنتاجيتك في أدنى مستوياتها.
يمكن تحسين الإنتاجية وتحقيق الأهداف الشخصية عند رصد مستويات الطاقة وإجراء التعديلات اللازمة على برنامج العمل اليومي بناءً على البيانات الناتجة.
في الختام
ينجح الإنسان في تحسين إنتاجيته، وتحقيق أهدافه، والتوفيق بين حياته الشخصية وعمله عندما يلتزم بطريقة إدارة الطاقة، وقد قدم الجزء الأول من المقال معلومات وافية عن هذه الطريقة، ومبدأ عملها، وخطوات تطبيقها. وسيبحث الجزء الثاني منه في عوامل استنزاف الطاقة، وآلية الحد منها، وخطوات الاستفادة من طريقة إدارة الطاقة في تحقيق الأهداف، وتحسين الإنتاجية، وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.
کن على إطلاع بأحدث المتسجدات
