كيف تؤدي النجاحات الصغيرة إلى نجاحات كبيرة؟
لا يحقق الأشخاص الناجحون هذا النجاح بين عشيّةٍ وضحاها؛ بل هو نتاج سنوات من النجاحات الصغيرة المستمرة. يريد معظم الناس النجاح، لكنَّهم لا يرون الألم والعمل والتضحيات التي بذلها الناجحون للوصول إلى ما هم عليه اليوم، فلا تتوقع أن يأتيك النجاح على طبق من ذهب، وأنت مستلقٍ على سريرك تضيع الوقت في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة الأفلام.
إذا أردت أن تحقق ما حققه الأشخاص الناجحون اليوم، فعليك أن تسعى مثلما سعوا في الماضي؛ ولكن إليك سراً صغيراً: ما عليك سوى أن تكون أفضل بنسبة 1% مما كنت عليه، وإليك أمثلة عن ذلك:
- عند قراءة 20 صفحة في اليوم، ستكون قد قرأت 30 كتاباً في السنة.
- عند توفير 10 دولارات يومياً، ستكون قد وفرت 3650 دولاراً سنوياً.
- عند الجري لمسافة 1 كيلو متر في اليوم، ستكون قد جريت 587 كيلو متراً سنوياً.
- حين تصبح أفضل بنسبة 1% يومياً، يعني أنَّك ستصبح أفضل ب37 مرة سنوياً.
لا يتحوَّل الشخص من كسولٍ فاشلٍ إلى شخص منتجٍ ناجحٍ في يومٍ واحد، ولا يجب أن يحاول ذلك أصلاً؛ لأنَّه سيفشل فشلاً ذريعاً. يشعر الإنسان بالملل فوراً، فكم مرة تحمست لتنمية عضلاتك، فتسجل في صالة الألعاب الرياضية، وتبدأ التدريب لبضعة أسابيع، ثم تشعر بالملل وتتوقف؟ أو كم مرة قررت أن تتعلم مهارة جديدة، ولكنَّك استسلمت بعد عدة أيام؟ أو كم مرة أردت قراءة كتاب أو إنشاء قناة على "يوتيوب" (YouTube)، ولكنَّك فشلت حتى قبل أن تبدأ؟
والسبب في ذلك هو أنَّك تركّز على هدف أكبر بكثير من الأمور التي اعتدت أن تفعلها. تخيَّل مثلاً أن تطلب من عدَّاءٍ الركضَ مسافة 8 كيلو متر كل يوم، سيجد الأمر في غاية السهولة، أما لو طلبت ذلك من شخصٍ غير معتاد على الجري، فسيستسلم خلال يومين أو ثلاثة أيام؛ لأنَّه هدف يفوق قدراته.
أهمية النجاحات الصغيرة
الحل هو التركيز على النجاحات الصغيرة التي تتحول تدريجياً إلى إنجازات كبرى، كما أنَّ تحقيق تقدُّم يومي في العمل الذي تهدف إليه يعزز التحفيز والإنتاجية والإبداع.
تمنح النجاحات الصغيرة الناس تحفيزاً عاطفياً هائلاً، وتعزز دوافعهم الداخلية للعمل، مما يؤدي إلى الإبداع؛ فقد كشفت إحدى الدراسات أنَّه حين يشهد الناس تقدماً في عملهم، يشعرون بالرضا عن أنفسهم وعن أفعالهم، وهذا يدفعهم إلى الإبداع في عملهم.
لذا بدلاً من التركيز على النجاحات الكبيرة مثل: إبرام صفقة كبيرة أو الحصول على أول 1000 عميل، حاول التركيز على النجاحات الصغيرة والاحتفاء بها؛ لأنَّ النجاحات الكبيرة تستغرق وقتاً وتتطلب جهداً، بينما الوقت والجهد الذي تتطلبه النجاحات الصغيرة يكون أقل، ولكنَّها تؤدي بمرور الوقت إلى نجاحات كبيرة.
لا تحزن إذا لم تجني 10000 دولار شهرياً عند إطلاق منتجك؛ بل احتفِ بإطلاق المنتج بحد ذاته؛ لأنَّ معظم الناس لا يبلغون هذه المرحلة، ولا تفقد حافزك إذا قرأت 15 كتاباً فقط هذا العام بدلاً من 20 كتاب؛ بل احتفِ باتخاذ قرار القراءة أصلاً، فمعظم الناس لا يبدؤون حتى.
تؤدي النجاحات الصغيرة إذاً إلى نجاحات كبيرة، والتي تؤدي بدورها إلى التميُّز. هذا هو المسار الصحيح، ولا طريق مختصر له. حين تهمل النجاحات الصغيرة، لن تشعر بأنَّك تحرز تقدماً حتى لو كنت تتقدم.
في الختام
المثابرة هي مفتاح النجاح؛ فإذا كان هدفك هو تأليف كتاب، فالنجاح الصغير يتمثَّل في إنهاء فصل منه، أو الحصول على تغذية راجعة إيجابية من المحرِّر؛ ولكن إذا توقفت عند هذا الحد، لن تتمكن من إنهاء الكتاب، لذا عليك تحديد أهداف صغيرة باستمرار وتحقيقها حتى تبلغ هدفك الكبير؛ فالأمر بمنزلة خارطة طريق، إذ تمثِّل النجاحات الصغيرة الطريق، والهدف النهائي هو الكنز.
وكما قال المؤلف "جون سي ماكسويل" (John C. Maxwell): "تؤدي النجاحات الصغيرة المتكررة يومياً إلى إنجازات عظيمة، تحققها ببطء مع مرور الوقت". لذا، لا تدع أي شيء يمنعك من تحقيق أحلامك. حدد هدفك النهائي، ثم نجاحاتك الصغيرة، واستمتع برحلة بلوغها.
کن على إطلاع بأحدث المتسجدات
