3 استراتيجيات لإثارة التحدي في نفسك
هل شعرت يوماً بأنَّك أصبحت أسير روتين ما؟ يشعر معظم الأشخاص بهذا الشعور في مرحلة ما من حياتهم العملية، وعندما نمارس روتيناً يمكن التنبؤ به ونتراخى في أعمالنا فإنَّنا نُحجم عن التغيير، وقد نشعر بالملل وبأنَّنا أقل رضى وفي نهاية المطاف لا نحقق سوى جزءاً صغيراً مما نستطيع تحقيقه.
لهذا السبب فمن الهام للغاية أن ندفع أنفسنا بانتظام ونجرب أشياء جديدة؛ إذ يمكن أن تضفي علينا التحديات شعوراً بالقوة والبهجة سواء كانت على شكل سباق ماراثون أم تعلُّم مهارة جديدة، وعندما نواجه التحدي فإنَّنا نشعر بالحياة والاندماج الكامل؛ وذلك لأنَّنا نشارك بنشاط في حياتنا ونبذل قصارى جهدنا لتحقيق إمكاناتنا الكاملة.
في هذا المقال سننظر في أهمية التحدي، ونكتشف كيف تتقدم في جميع جوانب حياتك.
أهمية البقاء في حالة تحدي:
توقف وفكِّر فيما يحدث عندما تكتفي بما حققته وتعتاد على الراحة في حياتك المهنية.
قد تتوقف معرفتك ومهاراتك عن التطور؛ مما يجعلك أقل قدرة على المنافسة في سوق العمل، فقد بذلتَ جهداً أقل في إلقاء الضوء على الفرص الجديدة أو ابتكار طرائق جديدة للتفكير، وقد تتقاعس في العمل، كما قد يزداد خوفك أيضاً من المخاطرة أو من فعل أي شيء يجعلك غير مرتاح أو يزعزع ثقة الآخرين بك.
إنَّ إحدى مشكلات الحصول على درجة كبيرة من الراحة في عملك هي إمكانية تأثير تلك الراحة في أدائك، فعندما تعمل على المهام التي تتقنها جيداً قد تشعر بالإغراء للقيام بها بأدنى حد ممكن من الجهد، ويمكن أن يحمل ذلك تأثيراً سلبياً في سمعتك المهنية وسمعة فريقك وحتى مهنتك بأسرها.
إنَّ القيام بأشياء جديدة قد يجعلك تشعر حقاً بعدم الارتياح، فأنت تضع نفسك في مواقف غير مألوفة، ولا تعلم كيف سيكون أداؤك، ولكنَّك ستحقق النمو عندما تتخطى حدود منطقة الراحة الخاصة بك وتتحدى نفسك للبحث عن فرص وأفكار ومهارات وعلاقات جديدة.
والفائدة الأخرى تتمثل في تحسين أدائك، فعندما يكون الضغط في مستواه الصحيح سيتحسن أداؤك، وعندما تتعلم مهارة جديدة أو تضع نفسك في موقفٍ غير معتاد يمكنك إنشاء مستوى أمثل من الضغط الذي يدفعك إلى أداء أفضل ما لديك، وعلاوة على ذلك فإنَّ تحدي نفسك سيصبح أكثر سهولةً كلما كررت ذلك، وهذا ما يمنحك المرونة والقوة للتعامل مع التغييرات غير المتوقعة، وتحمُّل المخاطر والتغلب على الخوف من الفشل.
كيف تتحدى نفسك؟
من الصعب تحدِّي نفسك باستمرار؛ لأنَّ ذلك يعني أن تكون عرضة إلى الخطر؛ لذا يجب أن تملك الشجاعة لقبول عدم اليقين والمخاطرة والفشل المحتمل؛ والذي قد يكون طويل الأمد بالنسبة إلى بعضنا.
لكن من الهام بالنسبة إليك أن تتخذ خطوة إلى الأمام وتبدأ بأمر بسيط؛ لذا يمكنك استخدام الاستراتيجيات التالية لتحدي نفسك وتنمية مهاراتك ومعرفتك.
1. الخروج من منطقة راحتك:
منطقة الراحة هي حالة سلوكية يعمل الشخص في ظلها ضمن حالة بعيدة عن القلق؛ وذلك باستخدام مجموعة محدودة من السلوكات لتقديم مستوى ثابت من الأداء، وعادةً دون شعور بالمخاطرة.
يعلم معظمنا متى يكون في منطقة الراحة الخاصة به، ونحن نختبرها عندما تكون هناك مهام وإجراءات مألوفة للغاية لنقوم بها؛ إذ لا يتعيَّن علينا التفكير فيها مرتين.
إنَّ منطقة الراحة لا تحتوي على الكثير من المصاعب بطبيعتها، وقضاء الكثير من الوقت ضمنها يعني أنَّك لا تتعلم شيئاً جديداً، وتحقيق الإنجازات العظيمة لا يتحقق أبداً داخل دائرة صغيرة من الأشياء المألوفة.
ولكي تخطو خارج منطقة الراحة الخاصة بك عليك أولاً وضع قائمة بجميع المهام والأمور الروتينية التي تألَفها، ومحاولة تحديد الأنماط المشتركة بينها ومعرفة سبب كون هذه المهام مريحة لك.
ما هي المهارات أو نقاط القوة التي تعتمد عليها هذه الأنماط، والتي لا تحقق أفضل ما عندك عندما تستخدمها؟
بعد ذلك اكتب المهام التي تعلم بأهمية قيامك بها ولكنَّك لا تقوم بها؛ وذلك لأنَّها تقع خارج منطقة الراحة الخاصة بك.
على سبيل المثال قد تعلم أنَّ التحدث أمام الآخرين والتواصل أمران هامان للتقدم الوظيفي، ولكنَّك لا تقتنص هذه الفرص لأنَّها تجعلك تشعر بعدم الارتياح، أو قد تعلم أنَّك ستحصل على الكثير من التقدير إن تقدمت إلى مشروع جديد ولكنَّك تفضل عدم القيام بذلك بسبب شعورك بالقلق من الانضمام إلى فريق جديد.
ابحث عن كثب عن الأشياء التي تتجنبها. لمَ أنت خائف من التحدي؟ ما هي الفوائد التي تقدمها هذه المهمة لك؟ ما هو أسوأ ما قد يحدث إن قمتَ بهذه القفزة لتخوض التجربة؟
2. تحديد أهداف ذكية (SMART):
بمجرد تحديد المهمة التي تمثل تحدياً شخصياً أو مهنياً بالنسبة إليك، عليك البدء بتحديد هدف ذكي (SMART) للبدء به؛ إذ يجب أن يكون الهدف صعباً ولكنَّه قابل للتحقيق في نفس الوقت، لكن إن لم يجعلك الهدف تشعر بعدم الارتياح إلى حد ما، فربما هو لا يشتمل على قدر كافٍ من التحدي.
بعد ذلك قسِّم الهدف إلى خطوات أصغر يمكنك العمل عليها ضمن روتينك اليومي، أو ضع قائمة مهام خاصة بك حيث تحقق تقدماً ملموساً كل يوم.
على سبيل المثال إن كنت ترغب في تعلُّم لغة أجنبية، فيمكنك الاشتراك في دورة تتضمن مقاطع صوتية تتيح لك التعلُّم في أثناء تنقلك في المواصلات كل يوم عند الذهاب والعودة إلى ومن العمل؛ لذا حدِّد هدف قضاء 30 دقيقة يومياً في تعلُّم تلك اللغة، ولتعزيز التزامك يمكنك التعاون مع معلم مرة واحدة في الأسبوع ليساعدك على النطق.
لا تخشَ من تخصيص هدف يناسب احتياجاتك؛ على سبيل المثال تخيَّل أنَّ هدفك هو حضور حدث للتواصل كل أسبوع، فبدلاً من التركيز في التحدث إلى جميع الموجودين في الحدث - والذي قد يُشعرك بالكثير من القلق وقد تفضل عدم الحضور - ركِّز في التعرُّف إلى شخص واحد جيد، على الرغم من أنَّ هذا الهدف أصغر إلَّا أنَّه ما يزال يمثل تحدياً مفيداً.
تأكَّد من مواجهة هذا التحدي كل يوم أو عدة مرات في الأسبوع؛ وذلك لتطور نفسك وتزيد من ثقتك بنفسك.
قد تحتاج إلى المثابرة وتخصيص بعض الوقت للتطوير المهني، أو ترك بعض العادات السيئة لتحقق أهدافك طويلة الأجل.
3. إضفاء التحدي على المهام الروتينية:
قد تكون العديد من المهام التي تقع داخل منطقة الراحة الخاصة بك جزءاً ضرورياً من عملك، ورغم أنَّك لا تستطيع التخلي عنها إلَّا أنَّك قد تتمكن من تحدي نفسك بطرائق جديدة من خلال إعادة التفكير في كيفية القيام بها.
ألقِ نظرة على المهام التي تعمل عليها بانتظام، كيف يمكنك إضافة بعض التحدي إلى هذه المهام؟ ما الذي يمكنك القيام به لوضع بعض من الضغط الإيجابي في وظيفتك؟
على سبيل المثال يمكنك تقريب بعض المواعيد النهائية لإضافة المزيد من الضغط لإنجاز الأمور، وإن كنتَ معتاداً على اتِّخاذ قرارات سريعة، فتمهَّل قليلاً واستغرق وقتاً أطول للنظر في الخيارات المتاحة أمامك. اسأل رئيسك عن مشروع جديد أو مسؤوليات إضافية، أو ابحث عن منتور أو كوتش داخل منظمتك يمكن أن يساعدك على جعل وظيفتك أكثر تحدياً.
من الهام أيضاً إلقاء نظرة على المهام التي تماطل بها كثيراً؛ ففي كثير من الأحيان قد نؤجل المهام التي تُشعرنا بالتحدي أو التي تجعلنا غير مرتاحين، فبدلاً من تأجيل هذه المهام، اتَّخذ إجراءات تجاهها، وحدِّد ما الذي يمكنك تعلُّمه أو الفوائد التي ستعود عليك من إكمال مهامك في وقت مبكر.
توجد طريقة أخرى لتحدي نفسك عن طريق تطوير استراتيجية مهنية قد تساعدك على توضيح مكانك وأين تريد أن تكون حتى تتمكن من وضع خطة لتنمية مهاراتك وإحراز التقدم.
Stay Informed with the Latest Developments
