blog-details

تعزيز الإنتاجية من خلال تحسين التركيز

ما هو التركيز؟ لنأخذ مثالاً؛ هل سبق أن شاهدت أُمَّاً تحاول جاهدةً صرف انتباه ابنتها عن أمر ما نحو أمر آخر؟ إنَّه مشهد شائع للغاية؛ إذ يمكن أن يكون الأطفال منغمسين للغاية بما يفعلونه وتحتاج إلى أكثر من مجرَّد الإقناع لتحويل تركيزهم من أمر إلى آخر.

تأتي هذه القدرة من التركيز بشكل كامل في أمرٍ ما بشكلٍ فطري لدى الأطفال الصغار، ولكنَّها واحد من أكبر التحديات التي يواجهها معظمنا، فنحن نجد صعوبة في التركيز، وقد يكون هذا هو سبب فشلنا في مواصلة العمل الذي نقوم به.

يبدو أنَّ بعض الأشخاص قادرون على التركيز بشدة فيما يقومون به، وتحقيق الأداء الجيد نتيجة ذلك، كما يصف علماء النفس المعاصرين حالة الاندماج الشديد أو التركيز المطلق فيما نقوم به بأنَّها حالة "التدفق".

كما أنَّ أستاذ علم النفس ميهالي شيكسينتميهايي (Mihaly Csikszentmihalyi) الذي وصف هذا المفهوم لأول مرة أشار إلى إمكانية تطبيق التركيز الكامل في كل مجال تقريباً؛ إذ يقول: إنَّ التدفق ينطوي على "الاندماج الكامل في نشاط ما بقصد إنجازه، دون أي اعتبار للمصلحة الشخصية؛ إذ يمضي الوقت بسرعة، وكل نشاط أو حركة أو فكرة تتقدم نتيجة أمر ما سابق لها؛ مثل عزف الجاز، بالإضافة إلى مشاركتك الكاملة بهذه العملية واستخدام مهاراتك لأقصى حد"، فكيف ندخل في مثل هذه الحالة العميقة؟

توفير البيئة المناسبة:

من الأسهل تحقيق التدفق في الحالات التالية:

  • عندما يكون هناك ما يكفي من الضغط لإدماجك في العمل، لكن ليس بالقدر الكبير الذي يلحق ضرراً بأدائك.
  • عندما تعتقد أنَّ مهاراتك جيدة بما فيه الكفاية لتحقيق أداء جيد.
  • عندما تسيطر على المشتتات الموجودة من حولك.
  • عندما تعمل على المهمة المنوطة بك بدلاً من تحليل أدائك وانتقاد نفسك.
  • عندما تكون مسترخياً ومتيقظاً.
  • عندما تفكر بشكل إيجابي وتقضي على جميع الأفكار السلبية.

من الصعب تحقيق هذه العناصر في بيئة مكتبية مزدحمة، فقد يرن الهاتف كل حين، أو يُصدر البريد الإلكتروني الخاص بك صوتاً عند وصول رسالة جديدة، أو قد يأتي إليك زملاء العمل لطرح بعض الأسئلة، وفي الوقت نفسه قد لا تتمكن من التوقف عن التفكير في عديد من القضايا الشخصية والعملية التي تسبب لك التوتر، بالإضافة إلى كم العمل الهائل الذي يتراكم.

لذلك إن كنت تملك فرصة جيدة للدخول في حالة التدفق، فأنت بحاجة إلى حل مشكلة المشتتات أولاً، وإليك بعض الأمور العملية التي يمكنك القيام بها لتحقيق ذلك:

  • الحصول على الراحة والقضاء على التشتيت في بيئتك: إذ إنَّ إعادة ترتيب بيئة العمل الخاصة بك قد تساعد على القضاء على أكبر عدد ممكن من المشتتات. غيِّر اتجاه مكتبك حتى لا يصرف انتباهك الأشخاص الذين يمرون في الجوار، واستخدِم الشاشات أو النباتات لتقليل الضوضاء، وعدِّل الأثاث حيث يكون مريحاً، وإن كانت الفوضى تسبب لك التشتيت، فعليك ترتيب مكتبك ومساحة عملك والتأكُّد من أنَّ درجة الحرارة مناسبة وأنَّ منطقة عملك مضاءة جيداً.
  • إبقاء المقاطعات ضمن الحدود: ضع علامة "عدم الإزعاج" على باب مكتبك وأغلِق هاتفك الخليوي، وقارئ البريد الإلكتروني ومتصفح الويب وأي شيء آخر قد يمنعك عن التركيز في عملك، وستشعر بالدهشة من مقدار الإنجاز الذي يمكنك تحقيقه خلال ساعة واحدة فقط من العمل المتواصل، والذي قد يكافئ عدداً كبيراً من ساعات العمل المتراكمة عند حدوث المُقاطعات.
  • إدارة التوتر: حدِّد مصادر التوتر التي تواجهها في مفكرة التوتر، ثم اعمل على تقليل أو إزالة أكبر مُسببات التوتر؛ إذ إنَّ أحد أكثر مصادر التوتر شيوعاً في العمل هو الشعور بأنَّ لديك الكثير من العمل لتنجزه، ويمكنك الرجوع إلى قسم إدارة الوقت لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الأمر، وإن كنتَ تشعر بضغطٍ هائلٍ يصرف انتباهك، فربما قد تساعدك تقنيات التصور والاسترخاء على تهدئة نفسك.
  • وضع قائمة مهام أو برنامج عمل: أفرِغ عقلك من الأشياء التي تصرف انتباهك عن طريق كتابتها في قائمة المهام أو برنامج العمل، وستشعر بالدهشة من مدى وضوح الأفكار في عقلك بعد ذلك، كما يمكنك القيام بالأمر ذاته بالنسبة إلى الأشياء التي تسبب لك توتراً؛ لذا اكتبها وحدِّد موعداً للتعامل معها، ولا تحاول القيام بمهام متعددة في وقت واحد؛ بل ركز فقط في عمل شيء واحد جيد.
  • التفكير بإيجابية: من الصعب جداً التركيز بوجود الكثير من الأفكار السلبية التي تدور في رأسك، وعلاوة على ذلك فإنَّ السلبية تقوض طريقة تعاملنا مع العمل ومع الأشخاص والمشكلات؛ مما يجعل الأمور في كثير من الأحيان أكثر صعوبةً؛ لذلك فإنَّ الخطوة الأخيرة في الاستعداد للتركيز تكون بالتوقف عن التفكير سلباً وبدء التكفير بشكلٍ إيجابي.

عادةً ما يستخدم الرياضيون الناجحون أساليب الاسترخاء والتفكير الإيجابي في مواجهة المنافسة والتحدي؛ إذ يتعاملون مع مشاعرهم الانفعالية باستخدام تقنيات الاسترخاء وتذكير أنفسهم بأنَّهم يمتلكون المهارات اللازمة لتحقيق النجاح، وعندما يكونون في الميدان ويركضون أو يقفزون أو يقومون بالرمي، فإنَّ تركيزهم ينصب فقط على ما يقومون به بدلاً من التركيز في المشتتات الكثيرة المحيطة بهم.

الوصول إلى حالة التدفق:

مع القيام بكل ما سبق يمكنك البدء بممارسة مهاراتك في التركيز. حاول التركيز في المهام واحدة تلو الأخرى، واستبعد كل أمر آخر بقدر ما تستطيع، وستلاحظ فجأة أنَّك دخلت في حالة التدفق؛ إذ ستندمج إندماجاً كاملاً في أي نشاط تقوم به، ولن تشعر بأهمية أي أمر آخر؛ وبذلك لن تزيد إنتاجيتك فحسب؛ بل ستجد أنَّ عملك أكثر فائدة، ويؤدي التدفق إلى زيادة الإنتاجية والشعور بالمتعة، وهو ضروري جداً لتحقيق النجاح.

Stay Informed with the Latest Developments

Subscribe and gain access to the latest articles, research, and products that make you stronger than ever before.
to-top
footer1

is

illaf-train

Business.©2025