أهمية التصوُّر واستثماره في تحقيق الأهداف
هل تساءَلتَ يوماً عمَّا يفكر فيه الرياضيون قبل المنافسة؟ تخيَّل هذا الأمر قليلاً؛ إنَّهم أمام الآلاف أو ربما الملايين من الناس، يشعرون بالتوتر ويراقبون منافسيهم، ويفكرون في جميع الأشياء التي قد تسير على نحو خاطئ وفي كيفية العمل على تجنُّبها.
يبدو هذا معقولاً، وربما هذا ما سنفعله لو كنَّا في مكانهم، ومع ذلك فإنَّ قيامهم بذلك التصور يزيد احتمالية خسارتهم في المنافسة إلى حد بعيد، لكن يعلم الرياضيون المتمرسون أنَّه لا ينبغي عليهم تخيُّل الأخطاء، ولا سيما قبل المنافسة مباشرةً، لكن لمَ ذلك؟
في الواقع إنَّ تخيُّل الأخطاء وتصورها يعني تصور الأداء الضعيف، ومن ثم تزداد احتمالية ارتكاب الرياضيين لهذه الأخطاء في أثناء الحدث حتى إن لم يكُن ذلك مقصوداً.
بدلاً من ذلك يتدرَّب معظم الرياضيين الكبار على تصوُّر أهدافهم التي يَصبُون إليها مباشرةً قبل المنافسة؛ إذ إنَّهم يرون أنفسهم يفوزون أو يَعْدُون عدواً سريعاً في السباق أو يحرزون نقاط الفوز، إنَّهم مدربون على "تصوُّر" ما يرغبون في حدوثه بدلاً مما لا يريدون حدوثه، وعندما يقومون بذلك فإنَّ فرص نجاحهم سوف تزداد إلى حد بعيد.
هذه هي قوة التصور، ويمكنك أنت أيضاً استخدام هذه التقنية كل يوم لمساعدتك على تحقيق أهدافك وأحلامك، وفي هذا المقال سوف نشرح ماهيَّة التصوُّر وكيفية البدء باستخدامه في حياتك.
ما هو التصوُّر؟
إنَّ التصور هو مجرد تقنية يمكنك استخدامها لإنشاء صور ذهنية قوية بخصوص حدثٍ ما في المستقبل، ويمكنك باستخدامه استخداماً جيداً التدرُّب مقدماً على الحدث، والتحضير له على وجه صحيح، كما يُمكِّنك تصور النجاح من بناء الثقة بالنفس اللازمة لتقديم أفضل أداء لديك.
على سبيل المثال تخيَّل أنَّ لديك مقابلة توظيف هامة الأسبوع القادم؛ أنت متوتر بشدة وتخشى أن تجيب إجابات خاطئة عن أسئلة المقابلة، وتجد صعوبة في سرد إنجازاتك السابقة، وربما تنسى رسائل التزكية.
هل يبدو هذا مألوفاً؟ لقد اختبرنا جميعاً مثل هذا التفكير السلبي.
مع ذلك بدلاً من التفكير السلبي يمكنك استخدام ممارسة التصوُّر لتخيُّل أنَّ المقابلة سارت على ما يرام، ويمكنك تخيُّل نفسك تتحدث بثقة وتسرد بسهولة جميع إنجازاتك السابقة، وتقدِّم رسائل التزكية للقائمين بإجراء المقابلة، هذه الرؤية سوف تُشعِرك بتحسن كبير على الأرجح.
يقدم التصور العديد من الفوائد:
- تصور النتائج التي تريدها يمكن أن يزيد ثقتك بنفسك، وتخيُّل نفسك تحقق النجاح يزيد إيمانك بقدرتك على تحقيقه.
- يساعدك التصور على التمرن على النجاح، فعندما تتخيل كل خطوة في حدثٍ ما أو نشاطٍ ما تسير سيراً حسناً، فأنت تُهيِّئ جسدك وعقلك إلى اتِّخاذ هذه الخطوات في الحياة الواقعية.
- يمكن لأي شخص أن يستفيد من التصوُّر، فلا يتعيَّن عليك أن تكون كوتش حياة، أو خبيراً في التنمية الذاتية حتى تتمكن من استخدام التصور لتحقيق أهدافك.
كيفية استخدام التصور لتحقيق أهدافك؟
إنَّ الأمر الرائع في التصور هو إمكانية استخدامه في العديد من مجالات حياتك؛ مثل الحصول على ترقية في العمل، وتكوين صداقات مع زملاء العمل، وإطلاق عملك الخاص، ويساعدك التصور في جميع هذه المجالات؛ وهو السبب باستخدام الكثير من الأشخاص الفعالين لهذه التقنية لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم وأحلامهم.
اتبع هذه الخطوات لبدء ممارسة التصور:
الخطوة الأولى: اتِّخاذ قرار بشأن ما تريده
ما هو الأمر الذي ترغب في التركيز فيه؟ اختر حلماً واحداً أو هدفاً لبدء التصور؛ على سبيل المثال تصوَّر نتيجة العرض التقديمي الذي ستقدمه الأسبوع المقبل.
الخطوة الثانية: تصوُّر المشهد
ابدأ بتخيُّل المشهد نفسه، ولا تكُن غامضاً أو غير واضحٍ، فكلما كنتَ أدق وكلما زادت نسبة التفاصيل التي تتخيلها، كان التصور أفضل.
تصور المشهد كما لو كنتَ هناك، ما لون الجدران؟ ماذا ترتدي؟ مَن في الغرفة؟
تأكَّد من استخدام جميع حواسك في تمرين التصور: البصر والصوت والتذوق والشم واللمس؛ إذ إنَّ استعمال حواسك في التصور يجعله ينبض بالحياة.
في مثالنا تخيَّل نفسك تقف أمام المجموعة، وتصور وجه كل عضو من أعضاء الفريق، وما الذي يرتديه كل شخص، اسمع صوت الأوراق التي تتنقل حولك، واشتَم رائحة القهوة الطازجة، وراقب أشعة الشمس القادمة عبر نوافذ المكتب.
تخيَّل أيضاً ما تشعر به وتختبره، أنت واثق ومتحمس تجاه العرض التقديمي الذي توشك على تقديمه، وتعلَم أنَّ أعضاء فريقك سوف يستمتعون بما ستقوله وسيجدون أنَّ المعلومات التي تشاركها معهم قيِّمة، وأنت تتطلع حقاً إلى البدء.
الخطوة الثالثة: تصوُّر كل خطوة نحو الخاتمة الناجحة
ما الذي يجب عليك فعله للتأكُّد من نجاح عرضك التقديمي؟
حدِّد كل خطوة يجب اتِّخاذها لتحقيق هدفك، وابدأ بتصور كل خطوة كجزء من تمرين التصور.
على سبيل المثال ستفتتح عرضك التقديمي بمقدمة؛ لذا تخيَّل نفسك تشرح للمجموعة سبب هذا العرض والفائدة التي سيجنونها منه.
تصوَّر مواضيع النقاش التي ستتحدث عنها، وما الذي ستقوله في كل شريحة من شرائح العرض التقديمي، وتصوَّر حركات يدك ونظراتك المباشرة نحو الجميع في أثناء العرض.
راجع العرض التقديمي بأكمله في عقلك مع التركيز في كل خطوة وكيف ستشعر بها، وتذكر التركيز دوماً فيما تريده وليس العكس، فأنت تريد أن تشعر بالراحة والثقة وليس العصبية أو النسيان؛ لذا ركِّز في المشاعر الإيجابية وتجنَّب المشاعر السلبية.
الخطوة الرابعة: ممارسة التصوُّر يومياً
إن كان العرض التقديمي بعد أسبوعين، فعليك ممارسة التصوُّر مرة واحدة على الأقل يومياً حتى بداية الحديث.
عليك المواظبة على التصوُّر؛ وذلك لأنَّ التصور المنتظم يُقنِع عقلك بأنَّ ما تتخيله هو واقع، وكلَّما تصورت أمراً ما، أصبحت الرؤية أقوى وزاد احتمال حصولك على ما ترغب فيه؛ وذلك لأنَّك قمت بهذا بالفعل مقدماً.
يشبه التصور اليومي التدريب في سباق الماراثون أو إتقان لعبة الغولف؛ إذ كلما مارست أكثر، أصبح جسدك وعقلك أكثر دراية بتلك التفاصيل المحددة، فأنت حرفياً تُدرب عقلك على نتيجة ناجحة.
إنَّ الأمر الرائع في التصور هو إمكانية القيام به في أي مكان: في الحافلة من وإلى العمل، أو في الليل قبل الذهاب إلى السرير، أو في أثناء احتساء قهوة الصباح.
المزيد من النصائح للتصور:
إليك المزيد من النصائح التي يمكنك تجربتها باستخدام التصور:
- اختر بيئة هادئة: مارِس التصور في مكان هادئ؛ إذ يتيح لك ذلك التركيز في التجربة والحصول على أكبر فائدة منها، وفي كل مرة يُقاطعك فيها أحد، تحتاج إلى وقت طويل للعودة إلى التصور الكامل.
- اكتب عبارة واحدة تصف النتيجة التي تريدها: ضع هذه العبارة في مكان ما يمكن رؤيته بسهولة على مكتبك أو بالقرب منه؛ فهذا يحافظ على النتيجة الإيجابية أمامك مباشرةً؛ إذ ستفكر فيها كثيراً، وإن كنتَ تستطيع، فكرِّر تلك العبارة عدة مرات في اليوم بصوت عالٍ.
- ابحث عن لوحة تمثل تصوُّرك: مثل شيء تطبعه من الإنترنت، أو صورة تقصها من مجلة، وفي مثال العرض التقديمي قد تكون هذه الصورة عبارة عن شخص يتحدث بثقة أمام مجموعة من الأشخاص، ويمكنك وضع هذه الصورة في مكان يمكنك رؤيتها فيه بسهولة. ضعها على مكتبك مثلاً، أو احفظها كخلفية لشاشة حاسوبك؛ إذ تُعَدُّ هذه أداة أخرى لمساعدتك على تصور النتيجة المرجوة في أثناء عملك.
Stay Informed with the Latest Developments
