مكافحة إجهاد القرار في العمل من خلال تتبُّع الوقت
هل شعرت يوماً وكأنَّ ذهنك يخوض سباقاً محموماً، حتى تشعر في نهاية اليوم وكأنَّك عُدت من معركة ضَروس؟ لست وحدك في هذا الشعور، فكم من قرارات نتخذها في معترك العمل قد تُثقل كاهل العقل والروح، حتى يُصيبهما ما يُعرف بإجهاد القرار (Decision Fatigue)، وكما أنَّ الجسد إذا أُنهك، خارت قواه وتأثر أداؤه، فكذلك العقل يُصيبه الإعياء من كثرة التفكير والاختيار.
لا تيأس، فلكل داء دواء، ولكلِّ مشكلة حل، وهناك طرائق ناجعة لمجابهة هذا الزخم الهائل من القرارات في ميدان العمل وتعزيز الإنتاجية، وأنجعها وأبسطها: أن تتتبَّع وقتك.
يستكشف هذا المقال ظاهرة "إجهاد القرار"، وكيف يمكن لتتبُّع الوقت أن يكون بمنزلة "البوصلة" التي تهديك السبيل للتركيز والإنتاجية العالية.
ما هو إجهاد القرار؟
حالة من الإرهاق الذهني الناجم عن اتخاذ عدد كبير من القرارات، ووفق ما ذكرته الجمعية الطبية الأمريكية (American Medical Association - AMA)، فإنَّ هذه الظاهرة، تترافق غالباً مع حالة "ضبابية الدماغ" (Brain Fog)، بالإضافة إلى القلق والتوتر، وكلما زاد عدد القرارات المتَّخذة في يومك، اشتدت وطأة هذه الأعراض.
يشبه دماغك البطارية، وفي كل مرة يتعيَّن عليك اتخاذ قرار، تنخفض طاقة البطارية، وبحلول نهاية يوم العمل، وبعد اتخاذ عدد كبير من الخيارات، قد تشعر بالإرهاق الذهني والاحتراق النفسي، وهذا هو إجهاد القرار بالنسبة لك، وحين يستبد بك إرهاق القرار، فمن الطبيعي أن يتعكر مزاجك وتتراجع إنتاجيتك، وسرعان ما تتفاقم أعراض الإرهاق، مثل:
- التسويف.
- الشرود الذهني.
- اتخاذ قرارات خاطئة.
- تجنُّب اتخاذ القرارات تماماً.
يمكنك أن تفعل شيئاً لإدارته بحكمة ورويَّة بهدف رفع الإنتاجية، بمجرد أن تحدد أسباب إجهاد القرار لديك.
ملاحظة:
تؤدي أعراض إجهاد القرار إلى انشغال الفرد بعوامل التشتيت في مكان العمل.
أسباب إجهاد القرار في العمل وتأثيره في الإنتاجية
تكون طاقتك الذهنية أكثر عرضة للاستنزاف في بيئة العمل؛ لأنَّها البيئة التي تُتَّخَذ فيها القرارات المصيرية، فحين يتعيَّن عليك التوفيق بين مهام، ومشروعات، واجتماعات، ورسائل بريد إلكتروني، ومواعيد نهائية مختلفة، يتراكم ضغط كل تلك القرارات عليك، ويكشف رائد الأعمال الناجح "أليكس أديكولا" (Alex Adekola) أنَّ الاضطرار إلى إدارة مشروعات متعددة في آن واحد هو أكبر سبب لإجهاد القرار لديه، ويقول:
"يشتد عليَّ إجهاد القرار عندما أتعامل مع قضايا متعددة في اللحظة نفسها، فالحاجة إلى الانتباه المستمر والتفكير النقدي عند إدارة النزاعات والتفاوض على التسويات يجعل إجهاد القرار أمراً شائعاً."
تظن أنَّك تخصِّص وقتاً للقرارات الكبيرة فحسب، وبالتالي تُريح نفسك من عناء التفكير في كل صغيرة وكبيرة لكل مشروع ومهمة، ولكن في الواقع، يهدر الفرد جزءاً كبيراً من وقته وطاقته على القرارات الصغيرة.
تتراجع طاقة الفرد بعد أن يرتب مهامه وفق الأولوية، ويتفقَّد بريده الوارد، ومع ذلك، لا تزال القرارات الهامة، كالمواعيد النهائية للمشروعات والاستراتيجيات، تنتظر الحسم، ولهذا السبب يؤدي إجهاد القرار إلى تراجع الإنتاجية في العمل، وقد لا تلاحظ بوعي كم القرارات التي يتعيَّن عليك اتخاذها، ولكن بمجرد أن يحين وقت اتخاذ بعض القرارات الكبيرة، تكون قد أُنهكَت قواك بالفعل.
النتيجة؟
يتراجع أداء العمل، وتتدنى جودة القرارات، وتحصل تأخيرات في تسليم المهام نتيجة إجهاد القرار، بالإضافة إلى الأعراض الذهنية والعاطفية، ويقتضي الحل تطبيق طريقة تتبُّع الوقت، ولكن ليس كل شيء ضائعاً، فهناك مخرج من هذا بفضل كفاءة وشفافية تتبُّع الوقت.
نصيحة للمحترفين:
طبِّق "قاعدة الدقيقتَين" لزيادة إنتاجيتك في العمل.

كيفية تقليل إجهاد القرار باستخدام تتبُّع الوقت؟
تهدف طريقة تتبُّع وقتك إلى تحديد الأعمال والنشاطات التي تستهلك وقتك وطاقتك، ومعرفة الأنماط التي تؤدي إلى إجهاد القرار، ففي النهاية، إحدى الفوائد الجمَّة لتتبُّع الوقت هي تقليل عدد القرارات التي يتعيَّن عليك اتخاذها خلال يوم العمل وبالتالي تعزيز الإنتاجية.
انظر إلى مهامك وساعات عملك المسجَّلة، فمن المؤكد أنَّك ستلاحظ في أي الأوقات كنت في أوج عطائك، وأيها كنت فيها أقل نشاطاً، وسترى المهام التي استنزفت قواك أكثر والقرارات التي كان عليك اتخاذها في أي وقت خلال يوم عملك، كمن يحلل ميزان الربح والخسارة، وبمجرد حصولك على هذا النوع من المعلومات.
يمكنك تخطيط يوم عملك بالكامل حول أهم المهام ومستويات طاقتك الذهنية، فإذا كنت تقضي وقتاً طويلاً في العمل على مهام ذات أولوية منخفضة، فوِّض القرارات المتعلقة بها إلى زملائك، واستخدِم بعض استراتيجيات إدارة الوقت الفعالة، مثل طريقة تقسيم الوقت لكي تركز في العمل، وعندما تكون لديك أطر زمنية محددة للقرارات الكبيرة حقاً وتتجاهل بقية التفاصيل الصغيرة، تجنَّب الحمل الزائد من القرارات وحسِّنْ صفاء الذهن.
تقول "نيكول ماجيلسن" (Nicole Magelssen)، الرئيسة التنفيذية لشركة للمساعدة الافتراضية، إنَّ تتبُّع الوقت وتفويض المهام منحَهَا مزيداً من الوقت والطاقة الذهنية:
"سجَّلت كل مهمة قمت بها لعدة أسابيع، وعند تحليل البيانات، أدركتُ أنَّ المهام الإدارية الروتينية التي لا تتطلب خبرتي، تستهلك الجزء الأكبر من وقتي، فلم يحسِّن تفويض هذه المهام إنتاجيتي فحسب؛ بل قلَّل أيضاً التوتر، مما سمح لي بالتركيز على النشاطات الهامة التي تسهم في نمو المشروع التجاري".
الأفضل من ذلك؟ أدوات، مثل "كلوكيفاي" (Clockify) التي تجعل تتبُّع الوقت أسهل من أي وقت مضى.
في الختام
الآن بعد أن عرفتَ كيف يمكن أن يساعدك تتبُّع الوقت على تجنب إجهاد القرار، دعنا نتحدث عن كيفية تسهيله، وهذا هو مربط الفرس، وهنا تأتي أدوات تتبُّع الوقت لتدعم إنتاجيتنا.
تتيح لك أداة تتبُّع الوقت معرفة ما تقضي وقتك فيه وكم من الوقت، وبهذه الرؤية، ستعرف ما يستنزف طاقتك الذهنية بأسرع ما يمكن وتقرِّر كيفية تنظيم يومك حول ذلك، وتُجدوِل القرارات الهامة للفترات التي تميل فيها إلى الشعور بأكبر قدر من الإنتاجية، وتترك المهام الروتينية لوقت لاحق، وتتزوَّد بكل ما قد تحتاجه لإدارة عبء العمل إدارة أفضل، فكل ذلك يقلل العبء الذهني الذي يُجهِد القرار، بالتالي يمكنك:
- إنشاء أطر زمنية للعمل المركَّز.
- الحد من عدد القرارات الصغيرة التي تتخذها.
- تحديد أولويات مهامك تحديداً يُبقي إجهاد القرار بعيداً.
هذا المقال من إعداد المدربة مهرة أحمد، كوتش معتمد من غلوباس
القائمة الرئيسية