قوة التصوُّر: كيف تحقق أحلامك من خلال تصورها
يمارس الكاتب الشهير "توني روبنز" (Tony Robbins) تمارين تمهيدية كل صباح لمدة 10 دقائق لتوجيه طاقته وتوفير الظروف المثالية ليوم مليء بالإنجاز. توفر هذه الظروف العقلية والعاطفية حالة ذهنية ترفع مستويات السعادة، والنجاح، والرضا خلال اليوم.
لكن – للأسف – يبدأ معظم الناس أيامهم باخلافٍ تماماً؛ إذ يرنّ المنبه عدة مرات، ثم يستيقظون متأخرين لساعة على الأقل ويبدؤون بالجري هنا وهناك لإدارة أمورهم الصباحية. يتناولون الفطور على عجلٍ في طريقهم إلى العمل قبل الاجتماع الأول. يحدد هذا الأسلوب الصباحي الفوضوي سير باقي اليوم، فتمر الأيام فوضوية ويعيشها الناس متأخرين خطوةً للخلف دائماً، ولاهثين للحاق بالركب.
يبلغ عدد ساعات اليقظة ما لا يقل عن 16 ساعة وسطياً، ولكنَّنا نسمح للحياة بأن تتحكم بنا، من خلال اتباعنا لنمط الحياة الآلي هذا؛ إذ إنّنا ننهض مباشرةً لأداء مهامنا، بدل أن نتصور ونخطط تفاصيل يومنا.
كما نسمح للأخبار السلبية، وتشتيت وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى أفكارنا الداخلية السلبية التي تستنزف طاقتنا بالتحكم بحياتنا. إنَّ الحياة تسيّرك على هواها، والأصل أن تتحكم أنت بحياتك وتقودها نحو أهدافك.
فكر إن كان أسلوب حياتك الحالي مرضياً لك. إن كان الجواب "لا"، فاعتماد ممارسة تصور الأهداف يعيد لك السيطرة على صباحك وحياتك، ويعزز إنتاجيتك.
تعلم طريقة التمهيد.
أهمية تصور الأهداف
يؤمن "توني" بأهمية التركيز على تحسين الحالة العقلية والنفسية، بدلاً من محاولة التحكم ببيئتنا أو إصلاحها، وناقش هذا الموضوع مع الكاتب "مايكل سينجر" (Michael Singer) مؤلف كتاب "الروح غير المقيدة" (The Untethered Soul).
يؤكد المؤلفان أنَّ الإنسان لا يتأثر بالظروف الخارجية عندما تتوافق حالته العقلية مع قِيَمه وأهدافه؛ إذ ستعيش في سلام عندما تكون حالتك الداخلية مفعمةً بالسلام. لا ينبغي للحياة أن تسير كما تريد، كما لا يجب على الناس أن يتصرفوا كما تريد لكي تكون سعيداً. ستشعر بالسعادة الداخلية عندما تكون قادراً حقاً على تصور أهدافك، وهو ما يشجعك على العطاء والبذل في سبيل الآخرين بدل التركيز على مصالحك الشخصية.
1. يعزز الإنتاجية
عندما نصل إلى مرحلةٍ معينةً من الوعي بأفكارنا ومشاعرنا، سنبدأ بالتساؤل عن جذور مشاعرنا تجاه الأشخاص، والأماكن، والمواقف، وحتى أنفسنا، ثم سننتقل تلقائياً إلى التشكيك بالمعتقدات التي تعيق تقدمنا.
كما ذكرت الكاتبة "بايرون كايتي" (Byron Katie) في كتابها "عقل وحيد" (A Mind at Home with Itself): "لا يمكن السيطرة على العقل أبداً، ولا يسعك إلَّا أن تستجوبه، وتحبه، وتتفهمه". تتعزز قدرتنا على ضبط مخاوفنا وقلقنا وعيش حياةٍ حرة عندما نفهم عقولنا فهماً أعمق، وهذا يعدُّنا لمواجهة تحديات أكبر.
تصوُّر الأهداف هو أحد تمارين تركيز الانتباه على العقل بدل الانشغال بالمحيط الخارجي، وهو يمكِّنك من تحقيق النجاح والرضا الذي تصبو إليه. قد يتجسد هذا على شكل مسار مهني ناجح، أو علاقة مشبعة بالحب، أو حتى مشروع جديد يغير حياتك. يكمن جمال تصور الأهداف في إمكانية استخدامه في أي جانب من حياتك وفي أي وقت لتحقيق نتائج أفضل.
2. يعزز الامتنان
تهدف ممارسة الامتنان إلى إدراك الجوانب الحسنة في حياتك، لأنَّ غريزة النجاة تدفع العقل البشري إلى التركيز على المخاطر والمشكلات المحتملة، وبالنتيجة ينشغل الفرد بالأخطاء والظروف الصعبة. يتطلب تصوُّر الأهداف الاعتراف بأنَّ الأمور الجيدة يمكن أن تحدث لك وستحدث.
مارس الامتنان لتهيئة عقلك تهيئةً أفضل للتركيز على أهدافك وأحلامك. استمتع بالأشياء الصغيرة لتحقيق النجاح في الأشياء الكبيرة، وانظر إلى الخير في المواقف الصعبة. مديرك الفظ يهيئك للبحث عن وظيفة أفضل، وجدالك المستمر مع شريكك يهيئك لتبني تواصلاً أعمق معه.
لا تنسَ الامتنان أيضاً في المواقف الإيجابية والسعيدة، كم هو رائع أن يخصص صديقك وقتاً لتتناولا وجبةً سوياً، وكم هو جميل أن تؤتي جهودك ثمارها وتقودك لتوقيع عقد عمل جديد.
انظر إلى الخير في الحياة وفكر بطرائق مختلفة لتُظهر لعقلك كيفية تصور أهدافك وأحلامك.

كيفية تصوُّر أهدافك والحصول على ما تريد
تصوُّر الأهداف قابل للتخصيص بدرجة عالية، مما يعني أنَّه يمكنك استخدام عدد من الطرائق المختلفة لجعله يتناسب ويتناغم مع شخصيتك وأسلوب حياتك. لمساعدتك على الانطلاق، نبيّن أدناه كيف يوظف "توني" تصوُّر الأهداف في تمرين التمهيد الصباحي الخاص به لتحقيق أقصى استفادة من يومه:
- يتخذ "توني" أولاً وضعية مريحة ويركز على تنفسه، ثم يمارس الامتنان لكل ما هو جميل في حياته. اختر 3 أشياء فقط للتركيز عليها إذا كنت مبتدئاً، واقضِ دقيقة واحدة في التفكير في تلك الذكرى أو الهدف، وكيف ساعدتك ووجَّهتك للوصول إلى هذه اللحظة بالذات في حياتك.
- بمجرد أن يمارس توني الامتنان، يتخيل ضوءاً ملوناً ينزل ويملأ جسده، ويخلصه من الأفكار والمشاعر السلبية، ويحلُّ مشكلاته. لا يتوجب عليك استخدام الضوء الشافي، اختر أي نوع من التصور تشعر بأنَّه يناسبك في هذا الجزء من الممارسة. ما يهم هو اختيار رؤية تشعر بأنَّها تتناغم معك. بعد أن تملأ جسدك بطاقة الشفاء، أعد الطاقة التي تلقيتها لتشفي أولئك الذين تحبهم وتهتم لأمرهم.
- بعد أن تتقن كيفية تصوّثر أهدافك وأحلامك، استثمر وقت التمهيد الصباحي في تصوُّر أهدافك المنشودة والتغييرات التي تريد أن تحققها في حياتك. يمكن أن تكون هذه أهدافاً قصيرة الأجل تريد إنجازها في ذلك اليوم أو أهدافاً طويلة الأجل تعمل نحو تحقيقها. تصور أنَّ هذه الأهداف قد تحققت بالفعل، واحتفل بنجاحك، لكي تشعر بالرضا والاكتفاء، وتتمكن من إحداث تأثير إيجابي في حياة الآخرين.
تخيَّل أنك حققت أهدافك وأحلامك، ولتكن شراء سيارة جديدة، أو تأليف رواية، أو الترقي في العمل. تصوَّر أنك أنجزتها على أكمل وجه لكي تحفز عقلك على السعي لتحقيق هذه الأماني والآمال على أرض الواقع.
تصوُّر الأهداف هو مثال واحد على اليقظة الذهنية عالية المستوى. يمارس كثيرُ من الناس اليقظة الذهنية من خلال التأمل، مستفيدين من فعاليتها في مواجهة القلق، وتحسين الحالة النفسية، وأسلوب التعامل مع الظروف الخارجية. سيسرع تصور أهدافك من نجاحك ونموك، ويعلمك كيف تهدئ خوفك وقلقك.
كما يعبّر "مايكل سينجر" عن الأمر: إنَّها طريقة قوية لـ "فتح صنبور الطاقة" واستغلال القوة التي نمتلكها جميعاً داخلنا.
في الختام
ليست الممارسات التي ناقشها هذا المقال مجرد تقنيات عابرة، بل هي مفاتيح حقيقية لفتح آفاق جديدة من النجاح والراحة النفسية. من خلال تصور أحلامنا وكأنها قد تحققت بالفعل، يمكننا تعزيز ثقتنا بأنفسنا وتقليل مشاعر القلق والخوف التي قد تعيق تقدمنا.
تمنحنا ممارسة اليقظة الذهنية وتصور الأهداف القدرة على توجيه طاقاتنا نحو تحقيق ما نطمح إليه في حياتنا. فلنبدأ – اليوم – في استخدام هذه الأساليب لتحقيق أحلامنا وبناء مستقبل مشرق.
القائمة الرئيسية