3 مبادئ لنظرية التحديد الذاتي
فكِّر للحظة في مدى شعورك بالحماسة في أوقات مختلفة خلال السنوات السابقة؛ ففي بعض اللحظات قد يكون مستوى الحافز لديك مرتفعاً، وعندها ستشعر بالحيوية والاندماج والإحساس بالهدف، لكن في لحظات أخرى من المحتمل أن تشعر بالضياع أو عدم الاندماج، أو اللامبالاة، وقد يمثل ذلك صراعاً حقيقياً للحفاظ على سير الأمور إلى الأمام.
يدرك الكثيرون من الأشخاص بشكل غريزي أنَّ التحفيز مُتقلب؛ فهو في ارتفاعٍ وانخفاض، لكن ما السبب وراء هذا التقلب؟ لمَ بعض الأشخاص مندمجين ومُتحفِّزين باستمرار؟ بينما بعضهم الأخر يشعر بالإحباط أو العجز؟
ولم لا يمكن أن نكون مندمجين ومُتحفِّزين طوال الوقت حتى نتمكن من إنجاز أفضل أعمالنا باستمرار؟
هذه مجرد بعض الأسئلة التي يتناولها هذا المقال؛ إذ سننظر في كيفية استخدام هذه النظرية لزيادة تحفيزك وتحسين رضاك الوظيفي.
عن النظرية:
نشر أستاذا علم النفس ريتشارد ريان (Richard Ryan)، وإدوارد ديسي (Edward Deci) نظرية التحديد الذاتي في عام 2000 في مجلة أميركان سايكولوجست (American Psychologist)، وتبحث هذه النظرية في سبب كون بعض الأشخاص مُتحفِّزين ومندمجين بينما بعضهم الآخر يشعر باللامبالاة والعزلة.
تنص النظرية على أنَّ البشر يسعون بشكل طبيعي إلى حالة من التحفيز الشديد والاندماج؛ وذلك لأنَّه ببساطة من طبيعتنا السعي إلى تحقيق النمو والعافية.
حدَّد ريان وديسي ثلاث حاجات نفسية عامة تحفزنا على التصرف بطريقة إيجابية وهي:
- الكفاءة.
- الارتباط.
- الحكم الذاتي أو الاستقلالية.
عندما تلبي هذه الاحتياجات ينمو التحفيز الذاتي الخاص بك وينمو دافعك وتزداد عافيتك، ستشعر بأنَّك أكثر فضولاً وإبداعاً وعاطفةً وحماسةً، وكل هذا يؤدي إلى تحسين الأداء والشعور بالهدف والمغزى في حياتك.
عندما لا تفي ببعض هذه الاحتياجات يمكن أن تتراجع دوافعك وعافيتك، وتجد صعوبة في متابعة مهامك.
لمَ تُعَدُّ هذه النظرية هامة؟
إنَّ أكبر فائدة تُقدِّمها هذه النظرية هي مقدار الوعي الذي توفره، وبمجرد إدراك مدى أهمية الكفاءة والارتباط والاستقلالية في التحفيز والأداء، يمكنك اتِّخاذ العديد من الخطوات لضمان تلبية احتياجاتك.
تطبيق النظرية: دعنا ننظر إلى كل من الحاجات الثلاث بمزيد من التفصيل، ونناقش ما يمكنك القيام به لدمج المزيد من ذلك في حياتك.
1- الكفاءة:
بغض النظر عما تقوم به، إلَّا أنَّك تملك رغبة فطرية في القيام بالأمر بشكل جيد، وفي الأساس هذا ما تدور حولة فكرة الحاجة إلى الكفاءة، فأنت تريد إتقان المعرفة والمهارات التي تحتاج إليها للنجاح، وفوق كل ذلك من الجيِّد أن تقوم بعمل رائع وأن تكون خبيراً لتلبية حاجاتك من الكفاءة وتحمُّل المسؤولية الكاملة عن نموك الذاتي وتنميتك. ابدأ بالتفكير في نقاط القوة والضعف لديك من خلال إجراء تحليل سووت (SWOT) شخصي لتحديد الفجوات في مهاراتك أو معلوماتك.
بعد ذلك انظُر إلى أهداف حياتك المهنية، أين تريد أن تكون بعد عام واحد أو بعد خمسة أعوام من الآن؟ ما هي المعلومات أو المهارات التي تحتاج إليها من أجل الوصول إلى حيث تريد أن تكون؟
إن كنتَ تشعر بأنَّ مشاغلك أكثر من أن تتيح لك الوقت لاكتساب الخبرات، فعليك أن تعلم أنَّه يوجد العديد من الطرائق لإيجاد وقتٍ للتطوير المهني: يمكنك استخدام وقت استراحة الغداء لتعلُّم أمر جديد، أو حضور دروس التدريب عبر الإنترنت في المساء، أو قد تطلب من منظمتك تقديم فرص التدريب خلال ساعات العمل.
من الهام أيضاً الحصول على تغذية راجعة حول عملك؛ إذ تعزز التغذية الراجعة الإيجابية والبناءة من كفاءتك؛ لذا تعرَّف إلى كيفية طلب التغذية الراجعة إن كنت لا تحصل عليها بانتظام من قبل رئيسك في العمل.
2- الارتباط أو العلاقات:
هل يمكنك تخيُّل أنَّك تعمل بمفردك ولا تتواصل مطلقاً مع أي شخصٍ؟ في حين أنَّ هذا قد يبدو جذاباً للغاية في أيامك المزدحمة إلَّا أنَّ الحقيقة هي أنَّنا جميعاً نحتاج ونريد التواصل مع الأخرين، ونريد أن نملك علاقات جيدة ونساعد الآخرين ونهتم بهم، ونريد أن نشعر بالارتباط.
لهذا السبب فإنَّ بناء علاقات عمل جيدة أمر بالغ الأهمية، فإن كنتَ تشعر بأنَّ علاقاتك في العمل تحتاج إلى بعض الاهتمام، فعليك بذل المزيد من الجهد للتواصل مع زملائك. اطلب من شخص لا تعرفه جيداً أن يتناول معك طعام الغداء، أو يمكنك أن تصبح منتوراً أو متطوعاً لمساعدة زميل لك في عمله، فكلما زاد مقدار ما تقدمه للآخرين، ستحصل على المزيد في المقابل.
اعمل أيضاً على تحسين علاقاتك من خلال تعزيز مهارات الذكاء العاطفي لديك، فكلما كان بوسعك التواصل مع الآخرين بشكل أفضل مع إظهار التعاطف واللطف، زاد عدد الأشخاص الذين يرغبون في صحبتك.
كما ستكون هذه المهارات مفيدة أيضاً في حياتك المهنية؛ لذلك فهي بالتأكيد تستحق أن تُطوَّر.
عزِّز شعورك بالارتباط من خلال التواصل الاجتماعي مع الآخرين في مجال عملك، واحْضَر المؤتمرات التجارية أو انضم إلى مجموعة عمل، كما يمكنك أيضاً استخدام بعض المواقع مثل: لينكد إن (LinkedIn) وتويتر (Twitter) للتواصل مع الزملاء أو لمتابعة الخبراء في المجال.
3- الاستقلالية:
عندما تكون مستقلاً في عملك، فهذا يعني أنَّك تملك الحرية لاتِّخاذ خياراتك الخاصة، وقد تكون قادراً على التحكُّم بوقت مشروعك وكيفية إكماله، أو حتى اختيار الزملاء الذين تعمل معهم.
إنَّ الاستقلالية هي مؤشر هام للرضى الوظيفي، فكيف يمكنك إضافة المزيد من الاستقلالية إلى عملك؟ ابتكر العديد من الأفكار أو المشاريع، ثم بناءً على علاقتك مع رئيسك في العمل أَجرِ محادثة مفتوحة لمناقشة هذه الأفكار والتحدث عن كيفية ممارسة مزيد من صنع القرار في وظيفتك، ولا بدَّ أن تؤكد له كيف سيستفيد عند منحك المزيد من الحرية.
بعد ذلك استخدِم استراتيجيات صياغة الوظائف مع أخذ الاستقلالية في الحسبان من أجل إعادة تشكيل وظيفتك، على سبيل المثال ابحث عن طرائق جديدة لأداء عملك الحالي، أو إعطاء الأولوية للمهام والمسؤوليات الحالية، أو ابتكار مشروع ما تشعر بأنَّه سيُحدث فارقاً حقيقياً في منظمتك.
کن على إطلاع بأحدث المتسجدات
